Other Commentaries of Surat al-Jinn Verses 1 to 14

بسم الله الرحمن الرحيم


Verse 1:
 

At-Tabari
يقول جلّ ثناؤه لنبيه محمد ﷺ: قل يا محمد أوحى الله إلىَّ ﴿أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ﴾ هذا القرآن ﴿فَقَالُوا﴾ لقومهم لما سمعوه: ﴿إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا)

Al-Baghawi
﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ﴾ وَكَانُوا تِسْعَةً مِنْ جِنِّ نَصِيبِينَ. وَقِيلَ سَبْعَةٌ اسْتَمَعُوا قِرَاءَةَ النَّبِيِّ ﷺ ذَكَرْنَا خَبَرَهُمْ فِي سُورَةِ الْأَحْقَافِ ﴿فَقَالُوا﴾ لَمَّا رَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ ﴿إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بَلِيغًا أَيْ: قُرْآنًا ذَا عَجَبٍ يُعْجَبُ مِنْهُ لِبَلَاغَتِهِ.


Ibn Kathir
يَقُولُ تَعَالَى آمِرًا رَسُولَهُ ﷺ أَنْ يُخْبَرَ قَوْمَهُ: أَنَّ الْجِنَّ اسْتَمَعُوا الْقُرْآنَ فَآمَنُوا بِهِ وَصَدَّقُوهُ وَانْقَادُوا لَهُ، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا)

Al-Qanooji
(قل) يا محمد للناس (أوحي إليّ) ليعرفوا بذلك وأنك مبعوث إلى الجن كالإنس، ولتعلم قريش أن الجن مع تمردهم لما سمعوا القرآن وعرفوا إعجازه آمنوا
قرأ الجمهور أوحي رباعياً وقرىء وحي ثلاثياً وهما لغتان، والمعنى أخبرت بالوحي من الله

(أنه استمع نفر من الجن) واختلف هل رآهم النبي صلى الله عليه وسلم أم لم يرهم، فظاهر القرآن أنه لم يرهم لأن المعنى قل يا محمد لأمتك أوحي إليّ على لسان جبريل أنه استمع نفر من الجن، ومثله قوله (وإذ صرفنا إليك نفراً من الجن يستمعون القرآن)ويؤيد هذا ما ثبت في الصحيح قال " ما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجن وما رآهم "، وروى ابن مسعود أنه رآهم، ورجحه العلماء والحق صحتهما وإن الأول وقع أولا ثم نزلت السورة، ثم أمر بالخروج إليهم،

Q.  What did they hear in the Qur'an which made them say "قرآنا عجبا"?
قال عكرمة والسورة التي كان يقرؤها رسول الله صلى الله عليه وسلم هي (اقرأ باسم ربك الذين خلق) وقد تقدم في سورة الأحقاف ذكر ما يفيد زيادة في هذا.

والنفر اسم للجماعة ما بين الثلاثة إلى العشرة، قال البغوي كانوا تسعة وقيل سبعة

وقد اختلف الناس قديماً وحديثاً في ثبوت وجود الجن فأنكر وجودهم معظم الفلاسفة، واعترف به جمع منهم وسموهم بالأرواح السفلية، وزعموا أنهم أسرع إجابة من الأرواح الفلكية إلا أنهم أضعف. وأما جمهور أرباب الملل وهم أتباع الرسل والشرائع فقد اعترفوا بوجودهم، لكن اختلفوا في ماهيتهم وقد نطق الكتاب العزيز والسنة المطهرة بوجودهم فلا اعتداد بمنكريهم، وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل، قال الضحاك: والجن ولد الجان وليسوا بشياطين، وقال الحسن: إنهم ولد إبليس وقيل هم أجسام عاقلة خفية تغلب عليهم النارية والهوائية، وقيل نوع من الأرواح المجردة وقيل هي النفوس البشرية المفارقة لأبدانها.

وقد اختلف أهل العلم في دخول مؤمني الجن الجنة كما تدخل عصاتهم النار لقوله في سورة تبارك (وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ) وقول الجن فيما سيأتي في هذه السورة (وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا) وغير ذلك من الآيات، فقال الحسن: يدخلون الجنة وقال مجاهد: لا يدخلونها وإن صرفوا عن النار والأول أولى لقوله في سورة الرحمن.
(لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان) وفي سورة الرحمن آيات غير هذه تدل على ذلك فراجعها، وقد قدمنا أن الحق أنه لم يرسل الله إليهم رسلاً منهم بل الرسل جميعاً من الإنس، وإن أشعر قوله (قد أرسلنا إليكم رسلاً منكم) بخلاف هذا فهو مدفوع الظاهر بآيات كثيرة في الكتاب العزيز دالة على أن الله سبحانه لم يرسل الرسل إلا من بني آدم، وهذه الأبحاث الكلام فيها يطول، والمراد الإشارة بأخصر عبارة.

?Q. When did this happen / What is the reason for the revelation of this Surah
قال ابن مسعود في الآية: كانوا من جن نصيبين. وقد أخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي وغيرهم عن ابن عباس " قال انطلق النبي صلى الله عليه وسلم في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء وأرسلت عليهم الشهب فرجعت الشياطين إلى قومهم فقالوا ما لكم، فقيل حيل بيننا وبين خبر السماء وأرسلت علينا الشهب، قالوا ما حال بينكم وبين خبر السماء إلا شيء حدث فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها لتعرفوا ما هذا الأمر الذي حال بينكم وبين خبر السماء، فانصرف أولئك الذين توجهوا نحو تهامة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو بنخلة عامدين إلى سوق عكاظ وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر، فلما سمعوا القرآن استمعوا له قالوا هذا والله الذي حال بينكم وبين خبر السماء، فهناك رجعوا إلى قومهم فقالوا يا قومنا (إنا سمعنا قرآنا عجباً يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحداً) فأنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم (قل أوحي إليّ أنه استمع نفر من الجن) وإنما أوحي إليه قول الحق. 

(فقالوا) لقومهم لما رجعوا إليهم (إنا سمعنا قرآناً) أي كلاما مقروءاً (عجباً) في فصاحته وبلاغته وغزارة معانيه وغير ذلك، وقيل عجباً في مواعظه، وقيل في بركته، وعجباً مصدر وصف به للمبالغة أو على حذف المضاف أي ذا عجب أو المصدر بمعنى اسم الفاعل أي معجباً.



Al-Qurtubi
قَوْلُهُ تَعَالَى: قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَيْ قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِأُمَّتِكَ: أَوْحَى اللَّهُ إِلَيَّ عَلَى لِسَانِ جِبْرِيلَ أَنَّهُ اسْتَمَعَ إِلَيَّ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ وَمَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَالِمًا بِهِ قَبْلَ أَنْ أَوْحَى إِلَيْهِ. هَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ عَلَى مَا يَأْتِي.

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ أَيِ اسْتَمَعُوا إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَعَلِمُوا أَنَّ مَا يَقْرَؤُهُ كَلَامُ اللَّهِ. وَلَمْ يَذْكُرِ الْمُسْتَمَعَ إِلَيْهِ لِدِلَالَةِ الْحَالِ عَلَيْهِ. 

وَالنَّفَرُ الرَّهْطُ، قَالَ الْخَلِيلُ: مَا بَيْنَ ثَلَاثَةٍ إِلَى عَشَرَةٍ. 

قَوْلُهُ تَعَالَى: فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً أَيْ فِي فَصَاحَةِ كَلَامِهِ. وَقِيلَ: عَجَبًا فِي بَلَاغَةِ مَوَاعِظِهِ. وَقِيلَ: عَجَبًا فِي عِظَمِ بَرَكَتِهِ. وَقِيلَ: قُرْآنًا عَزِيزًا لَا يُوجَدُ مِثْلُهُ. وَقِيلَ: يَعْنُونَ عَظِيمًا


Verse 2:
 

At-Tabari
Q. What is the meaning of "الرشد"? 
(يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ﴾ يقول: يدلّ على الحقّ وسبيل الصواب 

﴿فَآمَنَّا بِهِ﴾ يقول: فصدّقناه ﴿وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا﴾ من خلقه.

Al-Baghawi
Q. What is the meaning of "الرشد"? 
(يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ﴾ يَدْعُو إِلَى الصَّوَابِ مِنَ التَّوْحِيدِ وَالْإِيمَانِ ﴿فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا﴾


Ibn Kathir
Q. What is the meaning of "الرشد"? 
(يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ﴾ أَيْ: إِلَى السَّدَادِ وَالنَّجَاحِ،

﴿فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا﴾ وَهَذَا الْمَقَامُ شَبِيهٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ﴾ [الْأَحْقَافِ: ٢٩] وَقَدْ قَدَّمْنَا الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي ذَلِكَ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ هَاهُنَا. 


Al-Qanooji
Q. What is the meaning of "الرشد"? 
(يهدي إلى الرشد) أي إلى مراشد الأمور، وهي الحق والصواب والإيمان، وقيل إلى معرفة الله والتوحيد، والجملة صفة أخرى للقرآن

 (فآمنا به) أي صدقنا بأنه من عند الله (ولن نشرك) بعد اليوم (بربنا أحداً) من خلقه ولا نتخذ معه إلهاً آخر لأنه المتفرد بالربوبية، وفيه دليل على أن أولئك النفر كانوا مشركين قيل كانوا يهوداً وقيل كانوا نصارى وقيل مجوساً ومشركين

وفي هذا توبيخ للكفار من بني آدم حيث آمنت الجن بسماع القرآن مرة واحدة وانتفعوا بسماع آيات يسيرة منه، وأدركوا بعقولهم أنه كلام الله وآمنوا به، ولم ينتفع كفار الإنس لا سيما رؤساؤهم وعظماؤهم بسماعه مراراً متعددة، وتلاوته عليهم في أوقات مختلفة، مع كون الرسول منهم يتلوه عليهم بلسانهم، لا جرم صرعهم الله أذل مصرع وقتلهم أقبح مقتل ولعذاب الآخرة أشد لو كانوا يعلمون.


Al-Qurtubi
Q. What is the meaning of "الرشد"? 
يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ أَيْ إِلَى مَرَاشِدِ الْأُمُورِ. وَقِيلَ: إِلَى مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى، ويَهْدِي فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ أَيْ هَادِيًا. 

فَآمَنَّا بِهِ أَيْ فَاهْتَدَيْنَا بِهِ وَصَدَّقْنَا أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً
أَيْ لَا نَرْجِعُ إِلَى إِبْلِيسَ وَلَا نُطِيعُهُ، لِأَنَّهُ الَّذِي كَانَ بَعَثَهُمْ لِيَأْتُوهُ بِالْخَبَرِ، ثُمَّ رُمِيَ الْجِنُّ بِالشُّهُبِ. وَقِيلَ لَا نَتَّخِذُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ، لِأَنَّهُ الْمُتَفَرِّدُ بِالرُّبُوبِيَّةِ. وَفِي هَذَا تَعْجِيبُ الْمُؤْمِنِينَ بِذَهَابِ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ عَمَّا أَدْرَكَتْهُ الْجِنُّ بِتَدَبُّرِهَا الْقُرْآنَ.


Verse 3:
 

At-Tabari
Q. What does "جد" mean?
و قوله (و أنّه تعالى جد ربنا) 
اختلف أهل التأويل في معنى ذلك، فقال بعضهم: معناه: فآمنا به ولن نُشرك بربنا أحدًا، وآمنا بأنه تعالى أمر ربنا وسلطانه وقُدرته.
وقال آخرون: عني بذلك جلال ربنا وذكره.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: تعالى غنى ربنا.
وقال آخرون: عُنِي بذلك الجدّ الذي هو أب الأب، قالوا: ذلك كان من كلام جهلة الجنّ
وقال آخرون: عُنِي بذلك: ذكره
وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب قول من قال: عُنِي بذلك: تعالت عظمة ربنا وقُدرته وسلطانه.  وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب لأن للجدِّ في كلام العرب معنيين أحدهما الجدّ الذي هو أبو الأب، أو أبو الأم، وذلك غير جائز أن يوصف به هؤلاء النفر الذين وصفهم الله بهذه الصفة، وذلك أنهم قد قالوا: ﴿فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا﴾ ومن وصف الله بأن له ولدًا أو جدًّا أو هو أبو أب أو أبو أمّ، فلا شكّ أنه من المشركين. وإنما عَنَوا أن حظوته من المُلك والسلطان والقدرة والعظمة عالية، فلا يكون له صاحبة ولا ولد؛ لأن الصاحبة إنما تكون للضعيف العاجز الذي تضطرّه الشهوة الباعثة إلى اتخاذها، وأن الولد إنما يكون عن شهوة أزعجته إلى الوِقاع الذي يحدث منه الولد، فقال النفر من الجنّ: علا مُلك ربنا وسُلطانه وقدرته وعظمته أن يكون ضعيفًا ضعف خلقه الذين تضطرّهم الشهوة إلى اتخاذ صاحبة، أو وِقاع شيء يكون منه ولد.
وقد بين عن صحة ما قلنا في ذلك إخبار الله عنهم أنهم إنما نزهوا الله عن اتخاذ الصاحبة والولد بقوله: ﴿وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَدًا﴾ يقال منه: رجل جدّي وجديد ومجدود: أي ذو حظّ فيما هو فيه، ومنه قول حاتم الطائي: أغْزُوا بني ثُعْلٍ فالغَزْوُ جَدُّكُمُ عُدُّوا الرَّوَابي وَلا تَبْكُوا لِمَنْ قُتِلا


Al-Baghawi
﴿وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا﴾ قَرَأَ أَهْلُ الشَّامِ وَالْكُوفَةِ غَيْرَ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ: "وَأَنَّهُ تَعَالَى" بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَذَلِكَ مَا بَعْدَهُ إِلَى قَوْلِهِ ﴿وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ﴾ وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِكَسْرِهِنَّ، وَفَتَحَ أَبُو جَعْفَرٍ مِنْهَا "وَأَنَّهُ" وَهُوَ مَا كان مردوداً [إِلَى](٢) الْوَحْيِ وَكَسْرِ مَا كَانَ حِكَايَةً عَنِ الْجِنِّ.
وَالِاخْتِيَارُ كَسْرُ الْكُلِّ لِأَنَّهُ مِنْ قَوْلِ الْجِنِّ لِقَوْمِهِمْ فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: "فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا" وَقَالُوا: "وَأَنَّهُ تَعَالَى".
وَمَنْ فَتَحَ رَدَّهُ عَلَى قَوْلِهِ: "فَآمَنَّا بِهِ" وَآمَنَّا بِكُلِّ ذَلِكَ؛ فَفَتَحَ "أَنَّ" لِوُقُوعِ الْإِيمَانِ عَلَيْهِ. 


Q. What does "جد" mean?
﴿جَدُّ رَبِّنَا﴾ [جَلَالُ](٣) رَبِّنَا وَعَظَمَتِهِ، قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ وَقَتَادَةُ. يُقَالُ: جَدَّ الرَّجُلُ أَيْ: عَظُمَ، وَمِنْهُ قَوْلُ أَنَسٍ: كَانَ الرَّجُلُ إِذَا قَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ جَدَّ فِينَا أَيْ: عَظُمَ قَدْرُهُ.
وَقَالَ السُّدِّيُّ: "جَدُّ رَبِّنَا" أَيْ أَمْرُ رَبِّنَا. وَقَالَ الْحَسَنُ: غِنَى رَبِّنَا. وَمِنْهُ قِيلَ لِلْجَدِّ: حَظٌّ وَرَجُلٌ مَجْدُودٌ.

وَقَالَ الْأَخْفَشُ: عَلَا مُلْكُ رَبِّنَا ﴿مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا﴾ قِيلَ: تَعَالَى جَلَّ جَلَالُهُ وَعَظَمَتُهُ عَنْ أَنْ يَتَّخِذَ صَاحِبَةً [أَوْ وَلَدًا]


Ibn Kathir
Q. What does "جد" mean?
وَقَوْلُهُ: ﴿وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا﴾ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿جَدُّ رَبِّنَا﴾ أَيْ: فِعْلُهُ وَأَمْرُهُ وَقُدْرَتُهُ.
وَقَالَ الضَّحَّاكُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: جَدُّ اللَّهِ: آلَاؤُهُ وَقُدْرَتُهُ وَنِعْمَتُهُ عَلَى خَلْقِهِ.
وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَعِكْرِمَةَ: جَلَالُ رَبِّنَا. وَقَالَ قَتَادَةُ: تَعَالَى جَلَالُهُ وَعَظَمَتُهُ وَأَمْرُهُ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: تَعَالَى أَمْرُ رَبِّنَا. وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَمُجَاهِدٌ أَيْضًا وَابْنُ جُرَيْجٍ: تَعَالَى ذِكْرُهُ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: ﴿تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا﴾ أَيْ: تَعَالَى رَبُّنَا.فَأَمَّا مَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ(١) حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْجَدُّ: أَبٌ. وَلَوْ عَلِمَتِ الْجِنُّ أَنَّ فِي الْإِنْسِ جِدًّا مَا قَالُوا: تَعَالَى جَدّ رَبِّنَا.فَهَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ، وَلَكِنْ لَسْتُ أَفْهَمُ مَا مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ؛ وَلَعَلَّهُ قَدْ سَقَطَ شَيْءٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَوْلُهُ: ﴿مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَدًا﴾ أَيْ: تَعَالَى عَنِ اتِّخَاذِ الصَّاحِبَةِ وَالْأَوْلَادِ، أَيْ: قالت الْجِنُّ: تَنَزَّهَ الرَّبُّ تَعَالَى جَلَالُهُ وَعَظَمَتُهُ، حِينَ أَسْلَمُوا وَآمَنُوا بِالْقُرْآنِ، عَنِ اتِّخَاذِ الصَّاحِبَةِ وَالْوَلَدِ.


Al-Qanooji
(وأنه تعالى جد ربنا) قرىء بفتح أن وكذا فيما بعدها وذلك أحد عشر موضعاً إلى قوله (وأنه لما قام عبد الله) وقرىء بالكسر في هذه المواضع كلها إلا في قوله (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ) فإنهم اتفقوا على الفتح، أما من قرأ بالفتح في هذه المواضع فعلى العطف على محل الجار والمجرور في (فآمنا به) كأنه قيل فصدقناه وصدقنا أنه تعالى جد ربنا الخ.
وأما من قرأ بالكسر في هذه المواضع فعلى العطف على (إنا سمعنا) أي (فقالوا إنا سمعنا قرآنا) وقالوا (إنه تعالى جد ربنا) الخ: واختار أبو حاتم وأبو عبيدة قراءة الكسر لأنه كله من كلام الجن. ومما هو محكي عنهم بقوله (فقالوا إنا سمعنا).
وقرىء بالفتح في ثلاثة مواضع وهي (وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا)،(وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا)، (وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ) لأنه من الوحي وكسر ما بقي لأنه من كلام الجن، وقرأ الجمهور (وأنه لما قام عبد الله) بالفتح لأنه معطوف على قوله أنه استمع. وقرىء بالكسر في هذا الموضع عطفاً على (فآمنا به) بذلك التقدير السابق. واتفقوا على الفتح في (أنه استمع) كما اتفقوا على الفتح في (أن المساجد) وفي (وأن لو استقاموا) واتفقوا على الكسر في (فقالوا إنا سمعنا) وقال إنما أدعو ربي وقل إن أدري وقل إني لا أملك لكم.

Q. What does "جد" mean?
والجد عن أهل اللغة العظمة والجلال، يقال جد في عيني أي أعظم، فالمعنى ارتفع عظمة ربنا وجلاله، وبه قال عكرمة ومجاهد وقال الحسن: المراد تعالى غناؤه ومنه قيل للحظ جد ورجل مجدود أي محظوظ، وفي الحديث " ولا ينفع ذا الجد منك الجد " قال أبو عبيد والخليل أنه لا ينفع ذا الغنى منك الغنى، أي وإنما ينفعه الطاعة، وقال القرطبي والضحاك: جده آلاؤه وعظمته وأمره وقدرته، وقال أبو عبيدة والأخفش: ملكه وسلطانه وقال السدي: أمره وقال سعيد بن جبير.

(وأنه تعالى جد ربنا) أي تعالى ربنا وقيل جده قدرته، وقال محمد بن علي بن الحسن وابنه جعفر الصادق والربيع بن أنس: ليس لله جد، وإنما قالته الجن للجهالة، والجد أيضاًً أبو الأب قرأ الجمهور جد بفتح الجيم وقرىء بكسرها وهو ضد الهزل. وقرىء جدي ربنا أي جدواه ومنفعته وقرىء بتنوين جد ورفع ربنا على أنه بدل من جد.
(ما اتخذ صاحبة ولا ولداً) هذا بيان لتعالى جده سبحانه قال الزجاج: تعالى جلال ربنا وعظمته عن أن يتخذ صاحبة أو ولداً لأن الصاحبة تتخذ للحاجة والولد للاستئناس به، والله تعالى منزه عن كل نقص، وكأن الجن نبهوا بهذا على خطأ الكفار الذين ينسبون إلى الله الصاحبة والولد، ونزهوا الله سبحانه عنهما.


Al-Qurtubi
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا كَانَ عَلْقَمَةُ وَيَحْيَى وَالْأَعْمَشُ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَابْنُ عَامِرٍ وَخَلَفٌ وَحَفْصٌ وَالسُّلَمِيُّ يَنْصِبُونَ (أَنَّ) فِي جَمِيعِ السُّورَةِ فِي اثْنَيْ عَشَرَ مَوْضِعًا، وَهُوَ: أَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا، وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ، وَأَنَّا ظَنَنَّا، وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ، وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا، وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ، وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ، وَأَنَّا لَا نَدْرِي، وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ، وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ، وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى، وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ: أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ، وأَنَّهُ اسْتَمَعَ لَا يَجُوزُ فِيهِ إِلَّا الْفَتْحُ، لِأَنَّهَا فِي مَوْضِعِ اسْمِ فَاعِلٍ أُوحِيَ فَمَا بَعْدَهُ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: هو محمول على الهاء في فَآمَنَّا بِهِ، أَيْ وَبِ- أَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا وَجَازَ ذَلِكَ وَهُوَ مُضْمَرٌ مَجْرُورٌ لِكَثْرَةِ حَرْفِ الجار مَعَ (أَنَّ). وَقِيلَ: الْمَعْنَى أَيْ وَصَدَّقْنَا أَنَّهُ جَدُّ رَبِّنَا. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ كُلَّهَا بِالْكَسْرِ وَهُوَ الصَّوَابُ، وَاخْتَارَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ وَأَبُو حَاتِمٍ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ: فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا لِأَنَّهُ كُلَّهُ من كلام الجن. وأما أبو جعفر وَشَيْبَةُ فَإِنَّهُمَا فَتَحَا ثَلَاثَةَ مَوَاضِعَ، وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا، وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ، وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ، قَالَا: لِأَنَّهُ مِنَ الْوَحْيِ، وَكَسَرَا مَا بَقِيَ، لِأَنَّهُ مِنْ كَلَامِ الْجِنِّ. وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ [الجن: ١٩]. فَكُلُّهُمْ فَتَحُوا إِلَّا نَافِعًا وَشَيْبَةَ وَزِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ وَأَبَا بَكْرٍ وَالْمُفَضَّلَ عَنْ عَاصِمٍ، فَإِنَّهُمْ كَسَرُوا لَا غَيْرَ. وَلَا خِلَافَ فِي فَتْحِ هَمْزَةِ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ، وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ، وأَنْ قَدْ أَبْلَغُوا. وَكَذَلِكَ لَا خِلَافَ فِي كَسْرِ مَا بَعْدَ الْقَوْلِ، نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا وقالإِنَّما أَدْعُوا رَبِّي [الجن: ٢٠] وقُلْ إِنْ أَدْرِي [الجن: ٢٥]. وقُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ [الجن: ٢١]. وَكَذَلِكَ لَا خِلَافَ فِي كَسْرِ مَا كَانَ بَعْدَ فَاءِ الْجَزَاءِ، نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ [الجن: ٢٣] وفَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ [الجن: ٢٧]. لأنه موضع ابتداء. قوله تعالى: وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا

Q. What does "جد" mean?
الْجَدُّ فِي اللُّغَةِ: الْعَظَمَةُ وَالْجَلَالُ، وَمِنْهُ قَوْلُ أَنَسٍ: كَانَ الرَّجُلُ إِذَا حَفِظَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ جَدَّ فِي عُيُونِنَا، أَيْ عَظُمَ وَجَلَّ. فَمَعْنَى: جَدُّ رَبِّنا أي عظمته وجلاله، قاله عِكْرِمَةُ وَمُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ. وَعَنْ مُجَاهِدٍ أَيْضًا: ذَكَرَهُ. وَقَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَالْحَسَنُ وَعِكْرِمَةُ أَيْضًا: غِنَاهُ. وَمِنْهُ قِيلَ لِلْحَظِّ جَدٌّ، وَرَجُلٌ مَجْدُودٌ أَيْ مَحْظُوظٌ، وَفِي الْحَدِيثِ: [وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ [قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَالْخَلِيلُ: أَيْ ذَا الْغِنَى، مِنْكَ الْغِنَى، إِنَّمَا تَنْفَعُهُ الطَّاعَةُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قُدْرَتُهُ. الضَّحَّاكُ: فِعْلُهُ. وَقَالَ الْقُرَظِيُّ وَالضَّحَّاكُ أَيْضًا: آلَاؤُهُ وَنِعَمُهُ عَلَى خَلْقِهِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَالْأَخْفَشُ: مُلْكُهُ وَسُلْطَانُهُ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: أَمْرُهُ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا أَيْ تَعَالَى رَبُّنَا. وَقِيلَ: إِنَّهُمْ عَنَوْا بِذَلِكَ الْجَدَّ الَّذِي هُوَ أَبُ الْأَبِ، وَيَكُونُ هَذَا مِنْ قَوْلِ الْجِنِّ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَابْنُهُ جَعْفَرٌ الصَّادِقُ وَالرَّبِيعُ: لَيْسَ لِلَّهِ تَعَالَى جَدٌّ، وَإِنَّمَا قَالَتْهُ الْجِنُّ لِلْجَهَالَةِ، فَلَمْ يُؤَاخَذُوا بِهِ. وَقَالَ الْقُشَيْرِيُّ: وَيَجُوزُ إِطْلَاقُ لَفْظِ الْجَدِّ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، إِذْ لَوْ لَمْ يَجُزْ لَمَا ذُكِرَ فِي الْقُرْآنِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَفْظٌ مُوهِمٌ، فَتَجَنُّبُهُ أَوْلَى. وَقِرَاءَةُ عِكْرِمَةَ (جِدُّ) بِكَسْرِ الجيم: على ضد الهزل. وكذلك قَرَأَ أَبُو حَيْوَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ السَّمَيْقَعِ. وَيُرْوَى عَنِ ابْنِ السَّمَيْقَعِ أَيْضًا وَأَبِي الْأَشْهَبِ جَدَا رَبِّنَا، وَهُوَ الْجَدْوَى وَالْمَنْفَعَةُ. وَقَرَأَ عِكْرِمَةُ أَيْضًا (جد) بِالتَّنْوِينِ (رَبُّنَا) بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ مَرْفُوعٌ، بِ- تَعالى، وَ "جَدًّا" مَنْصُوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ. وَعَنْ عِكْرِمَةَ أَيْضًا (جَدٌّ) بِالتَّنْوِينِ وَالرَّفْعِ (رَبُّنَا) بِالرَّفْعِ عَلَى تَقْدِيرِ: تَعَالَى جَدُّ جَدِّ رَبِّنَا، فَجَدُّ الثَّانِي بَدَلٌ مِنَ الْأَوَّلِ وَحُذِفَ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إِلَيْهِ مُقَامَهُ. وَمَعْنَى الْآيَةِ: وَأَنَّهُ تَعَالَى جَلَالُ ربنا أن يتخذ صاحبة وولدا للاستيناس بِهِمَا وَالْحَاجَةِ إِلَيْهِمَا، وَالرَّبُّ يَتَعَالَى عَنِ الْأَنْدَادِ والنظراء.


Verse 4:
 


At-Tabari
Q. Who are "سفيهنا"?
يقول عزّ وجلّ مخبرا عن قيل النفر من الجنّ الذين استمعوا القرآن ﴿وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا﴾ وهو إبليس.


Q. What does "شططا" mean? 

وأما الشَّطط من القول، فإنه ما كان تعدِّيًا.


Al-Baghawi
Q. Who are "سفيهنا"?
﴿وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا﴾ جَاهِلُنَا قَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ: هُوَ إِبْلِيسُ

Q. What does "شطط" mean? 
﴿عَلَى اللَّهِ شَطَطًا﴾ كَذِبًا وَعُدْوَانًا وَهُوَ وَصْفُهُ بِالشَّرِيكِ وَالْوَلَدِ

Ibn Kathir
Q. Who are "سفيهنا"?
Q. What does "شطط" mean? 
ثُمَّ قَالُوا: ﴿وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ، وَعِكْرِمَةُ، وَقَتَادَةُ، وَالسُّدِّيُّ: ﴿سَفِيهُنَا﴾ يَعْنُونَ: إِبْلِيسَ، ﴿شَطَطًا﴾ قَالَ السُّدِّي، عَنْ أَبِي مَالِكٍ: ﴿شَطَطًا﴾ أَيْ: جَوْرًا. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: ظُلْمًا كَبِيرًا.
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ: ﴿سَفِيهُنَا﴾ اسْمَ جِنْسٍ لِكُلِّ مَنْ زَعَمَ أَنَّ لِلَّهِ صَاحِبَةً أَوْ وَلَدًا. وَلِهَذَا قَالُوا: ﴿وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا﴾ أَيْ: قَبْلَ إِسْلَامِهِ ﴿عَلَى اللَّهِ شَطَطًا﴾ أَيْ: بَاطِلًا وَزُورًا؛ 
 


Al-Qanooji
Q. Who are "سفيهنا"?
Q. What does "شطط" mean? 
(وأنه كان يقول سفيهنا) أي جاهلنا (على الله شططاً) أي غلواً في الكذب بوصفه بالصاحبة والولد، والضمير في " أنه " للحديث أو الأمر وسفيهنا يجوز أن يكون اسم كان ويقول الخبر، ويجوز أن يكون سفيهنا فاعل يقول، والجملة خبر كان واسمها ضمير يرجع إلى الحديث أو الأمر، ويجوز أن تكون كان زائدة، ومرادهم بسفيههم عصاتهم ومشركوهم.
وقال مجاهد وابن جريج وقتادة: أرادوا به إبليس، عن أبي موسى الأشعري مرفوعاً " قال إبليس "، أخرجه ابن مردويه والديلمي قال السيوطي بسند واه، والشطط الغلو في الغمر، وقال أبو مالك الجور وقال الكلبي الكذب، وأصله البعد عن القصد ومجاوزة الحد.


Al-Qurtubi
الْهَاءُ فِي أَنَّهُ لِلْأَمْرِ أَوِ الْحَدِيثِ، وَفِي كانَ اسْمُهَا، وَمَا بَعْدَهَا الْخَبَرُ. وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ كانَ زَائِدَةً.

Q. Who are "سفيهنا"?
وَالسَّفِيهُ هُنَا إِبْلِيسُ فِي قَوْلِ مُجَاهِدٍ وَابْنِ جُرَيْجٍ وَقَتَادَةَ. وَرَوَاهُ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ(١) أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. وَقِيلَ: الْمُشْرِكُونَ مِنَ الْجِنِّ: قَالَ قَتَادَةُ: عَصَاهُ سَفِيهُ الْجِنِّ كَمَا عَصَاهُ سَفِيهُ الْإِنْسِ

Q. What does "شطط" mean? 
وَالشَّطَطُ وَالِاشْتِطَاطُ: الْغُلُوُّ فِي الْكُفْرِ. وَقَالَ أَبُو مَالِكٍ: هُوَ الْجَوْرُ. الْكَلْبِيُّ: هُوَ الْكَذِبُ. وأصله البعد فَيُعَبَّرُ بِهِ عَنِ الْجَوْرِ لِبُعْدِهِ عَنِ الْعَدْلِ، وَعَنِ الْكَذِبِ لِبُعْدِهِ عَنِ الصِّدْقِ، قَالَ الشَّاعِرُ: بِأَيَّةِ حَالٍ حَكَّمُوا فِيكَ فَاشْتَطُّوا ... وَمَا ذَاكَ إِلَّا حَيْثُ يَمَّمَكَ(٢) الْوَخْطُ



Verse 5:
 
At-Tabari
يقول: قالوا: وأنا حسبنا أن لن تقول بنو آدم والجنّ على الله كذبا من القول، والظنّ هاهنا بمعنى الشك، وإنما أنكر هؤلاء النفر من الجنّ أن تكون علمت أن أحدًا يجترئ على الكذب على الله لما سمعت القرآن، لأنهم قبل أن يسمعوه وقبل أن يعلموا تكذيب الله الزاعمين أن لله صاحبة وولدًا، وغير ذلك من معاني الكفر كانوا يحسبون أن إبليس صادق فيما يدعو بني آدم إليه من صنوف الكفر؛ فلما سمعوا القرآن أيقنوا أنه كان كاذبا في كلّ ذلك، فلذلك قالوا: ﴿وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا﴾ فسموه سفيهًا.

Al-Baghawi
(وَأَنَّا ظَنَنَّا﴾ حَسَبْنَا ﴿أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ﴾ قَرَأَ يَعْقُوبُ "تَقَوَّلَ" بِفَتْحِ الْوَاوِ وَتَشْدِيدِهَا ﴿عَلَى اللَّهِ كَذِبًا﴾ أَيْ: كُنَّا نَظُنُّهُمْ صَادِقِينَ فِي قَوْلِهِمْ إِنَّ لِلَّهِ صَاحِبَةً وَوَلَدًا حَتَّى سَمِعْنَا الْقُرْآنَ.

Ibn Kathir
﴿وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الإنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا﴾ أَيْ: مَا حَسِبْنَا أَنَّ الْإِنْسَ وَالْجِنَّ يَتَمَالَئُونَ عَلَى الْكَذِبِ عَلَى اللَّهِ فِي نِسْبَةِ الصَّاحِبَةِ وَالْوَلَدِ إِلَيْهِ. فَلَمَّا سَمِعْنَا هَذَا الْقُرْآنَ وَآمَنَّا بِهِ، عَلِمْنَا أَنَّهُمْ كَانُوا يَكْذِبُونَ عَلَى اللَّهِ فِي ذَلِكَ. 

Al-Qanooji
(وأنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن على الله كذباً) أي إنا حسبنا أن الإنس والجن كانوا لا يكذبون على الله بأن له شريكاً وصاحبة وولداً، فلذلك صدقناهم في ذلك حتى سمعنا القرآن فعلمنا بطلان قولهم، وبطلان ما كنا نظنه بهم من الصدق، وانتصاب كذباً على أنه مصدر مؤكد ليقول، لأن الكذب نوع من القول أو صفة لمصدر محذوف أي قولاً كذباً، وقرىء أن لن تقول من التقول فعلى هذا كذباً مفعول به.

Al-Qurtubi
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَأَنَّا ظَنَنَّا﴾ أَيْ حَسِبْنَا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِباً، فَلِذَلِكَ صَدَّقْنَاهُمْ فِي أَنَّ لِلَّهِ صَاحِبَةً وَوَلَدًا، حَتَّى سَمِعْنَا الْقُرْآنَ وتبينا به الحق. وقرا يعقوب وَالْجَحْدَرِيُّ وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ أَنْ لَنْ تَقُولَ


Verse 6:
 

At-Tabari
يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل هؤلاء النفر: وأنه كان رجال من الإنس يستجيرون برجال من الجن في أسفارهم إذا نزلوا منازلهم.
عن قتادة: ذُكر لنا أن هذا الحيّ من العرب كانوا إذا نزلوا بواد قالوا: نعوذ بأعز أهل هذا المكان؛

Q. What is "رهقا"?
 قال الله: ﴿فَزَادُوهُمْ رَهَقًا﴾ : أي إثما، وازدادت الجنّ عليهم بذلك جراءة.

وقوله: ﴿فَزَادُوهُمْ رَهَقًا﴾
اختلف أهل التأويل في معنى ذلك، 
فقال بعضهم: معنى ذلك: فزاد الإنس بالجن باستعاذتهم بعزيزهم، جراءة عليهم، وازدادوا بذلك إثما.
وقال آخرون: بل عني بذلك أن الكفار زادوا بذلك طغيانا.
وقال آخرون: بل عني بذلك فزادوهم فَرَقا.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: معنى ذلك: فزاد الإنس الجنّ بفعلهم ذلك إثما، وذلك زادوهم به استحلالا لمحارم الله. والرهق في كلام العرب: الإثم وغِشيان المحارم؛ ومنه قول الأعشى: لا شَيْءَ يَنْفَعُنِي مِنْ دُونِ رُؤْيَتِها هلْ يَشْتَفِي وَامِقٌ ما لم يُصِبْ رَهَقا(١) يقول: ما لم يغش محرما. 

Al-Baghawi
وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ مِنَ الْعَرَبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ إِذَا سَافَرَ فَأَمْسَى فِي أَرْضٍ قَفْرٍ، قَالَ: أَعُوذُ بِسَيِّدِ هَذَا الْوَادِي مِنْ شَرِّ سُفَهَاءِ قَوْمِهِ، فَيَبِيتُ فِي أَمْنٍ وَجِوَارٍ مِنْهُمْ حَتَّى يُصْبِحَ
عَنْ كَرَدْمِ بْنِ أَبِي سَائِبٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ أَبِي إِلَى الْمَدِينَةِ فِي حَاجَةٍ وَذَلِكَ أَوَّلَ مَا ذُكِرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِمَكَّةَ، فَآوَانَا الْمَبِيتُ إِلَى رَاعِي غَنَمٍ، فَلَمَّا انْتَصَفَ النَّهَارُ جَاءَ ذِئْبٌ فَأَخَذَ حَمَلًا مِنَ الْغَنَمِ، فَوَثَبَ الرَّاعِي [فَقَالَ](٢) يَا عَامِرَ الْوَادِي جَارَكَ فَنَادَى مُنَادٍ لَا نَرَاهُ، يَقُولُ: يَا سِرْحَانُ أَرْسِلْهُ، فَأَتَى الْحَمَلُ يَشْتَدُّ حَتَّى دَخَلَ الْغَنَمَ وَلَمْ تُصِبْهُ كَدْمَةٌ(٣) فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رَسُولِهِ ﷺ بِمَكَّةَ ﴿وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَالْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا﴾ يَعْنِي زَادَ الْإِنْسُ الْجِنَّ بِاسْتِعَاذَتِهِمْ بِقَادَتِهِمْ رَهَقًا.

Q. What is "رهقا"?
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِثْمًا. قَالَ مُجَاهِدٌ: طُغْيَانًا. قَالَ مُقَاتِلٌ: غَيًّا. قَالَ الْحَسَنُ: شَرًّا قَالَ إِبْرَاهِيمُ: عَظَمَةً وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَزْدَادُونَ بِهَذَا التَّعَوُّذِ طُغْيَانًا يَقُولُونَ: سُدْنَا الْجِنَّ وَالْإِنْسَ، وَ"الرَّهَقُ" فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: الْإِثْمُ وَغِشْيَانُ الْمَحَارِمِ.

Ibn Kathir
Q. What is "رهقا"?
وَقَوْلُهُ: ﴿وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا﴾ أَيْ: كُنَّا نَرَى أَنَّ لَنَا فَضْلًا عَلَى الْإِنْسِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعُوذُونَ بِنَا، أَيْ: إِذَا نَزَلُوا وَادِيًا أَوْ مَكَانًا مُوحِشًا مِنَ 
الْبَرَارِي وَغَيْرِهَا كَمَا كَانَ عَادَةُ الْعَرَبِ فِي جَاهِلِيَّتِهَا. يَعُوذُونَ بِعَظِيمِ ذَلِكَ الْمَكَانِ مِنَ الْجَانِّ، أَنْ يُصِيبَهُمْ بِشَيْءٍ يَسُوؤُهُمْ كَمَا كَانَ أَحَدُهُمْ يَدْخُلُ بِلَادَ أَعْدَائِهِ فِي جِوَارِ رَجُلٍ كَبِيرٍ وَذِمَامِهِ وَخَفَارَتِهِ، فَلَمَّا رَأَتِ الْجِنُّ أَنَّ الْإِنْسَ يَعُوذُونَ(٢) بِهِمْ مِنْ خَوْفِهِمْ مِنْهُمْ، ﴿فَزَادُوهُمْ رَهَقًا﴾ أَيْ: خَوْفًا وَإِرْهَابًا وَذُعْرًا، حَتَّى تَبْقَوْا أَشَدَّ مِنْهُمْ مَخَافَةً وَأَكْثَرَ تَعَوُّذًا بِهِمْ، كَمَا قَالَ قَتَادَةُ: ﴿فَزَادُوهُمْ رَهَقًا﴾ أَيْ:
 إِثْمًا، وَازْدَادَتِ الْجِنُّ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ جَرَاءَةً.
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ: ﴿فَزَادُوهُمْ رَهَقًا﴾ أَيِ: ازْدَادَتِ الْجِنُّ عَلَيْهِمْ جُرْأَةً.
وَقَالَ السُّدِّيُّ: كَانَ الرَّجُلُ يَخْرُجُ بِأَهْلِهِ فَيَأْتِي الْأَرْضَ فَيَنْزِلُهَا فَيَقُولُ: أَعُوذُ بِسَيِّدِ هَذَا الْوَادِي مِنَ الْجِنِّ أَنْ أضَرّ أَنَا فِيهِ أَوْ مَالِي أَوْ وَلَدِي أَوْ مَاشِيَتِي، قَالَ: فَإِذَا عَاذَ بِهِمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ، رَهقَتهم الْجِنُّ الْأَذَى عِنْدَ ذَلِكَ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو سعيد يحيى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ الخرِّيت، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: كَانَ الْجِنُّ يَفْرَقُون مِنَ الْإِنْسِ كَمَا يفرَق الْإِنْسُ مِنْهُمْ أَوْ أَشَدَّ، وَكَانَ الْإِنْسُ إِذَا نَزَلُوا وَادِيًا هَرَبَ الْجِنُّ، فَيَقُولُ سَيِّدُ الْقَوْمِ: نَعُوذُ بِسَيِّدِ أَهْلِ هَذَا الْوَادِي.
فَقَالَ الْجِنُّ: نَرَاهُمْ يَفْرَقُونَ مِنَّا كَمَا نَفْرَقُ مِنْهُمْ. فَدَنَوْا مِنَ الْإِنْسِ فَأَصَابُوهُمْ بِالْخَبَلِ وَالْجُنُونِ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ: ﴿وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا﴾
وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ، وَالرَّبِيعُ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: ﴿رَهَقًا﴾ أَيْ: خَوْفًا. وَقَالَ الْعَوْفِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿فَزَادُوهُمْ رَهَقًا﴾ أَيْ: إِثْمًا. وَكَذَا قَالَ قتادة. وقال مجاهد: زاد الكفار طغيانا.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ الْمَغْرَاءِ الْكِنْدِيُّ، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ -يَعْنِي الْمُزَنِيَّ-عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ كَردم بْنِ أَبِي السَّائِبِ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ أَبِي مِنَ الْمَدِينَةِ فِي حَاجَةٍ، وَذَلِكَ أَوَّلَ مَا ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِمَكَّةَ، فَآوَانَا الْمَبِيتُ إِلَى رَاعِي غَنَمٍ. فَلَمَّا انْتَصَفَ اللَّيْلُ جَاءَ ذِئْبٌ فَأَخَذَ حَمَلًا مِنَ الْغَنَمِ، فَوَثَبَ الرَّاعِي فَقَالَ: يَا عَامِرَ الْوَادِي، جَارَكَ. فَنَادَى مُنَادٍ لَا نَرَاهُ، يَقُولُ: يَا سِرْحَانُ، أَرْسِلْهُ. فَأَتَى الحملَ يَشْتَدُّ حَتَّى دَخَلَ فِي الْغَنَمِ لَمْ تُصِبْهُ كَدْمَةٌ. وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى رَسُولِهِ بِمَكَّةَ ﴿وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقً
ثُمَّ قَالَ: ورُوي عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَأَبِي الْعَالِيَةِ، وَالْحَسَنِ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعي، نَحْوُهُ.
وَقَدْ يَكُونُ هَذَا الذِّئْبُ الَّذِي أَخَذَ الْحَمَلَ -وَهُوَ وَلَدُ الشَّاةِ-وَكَانَ جِنِّيًّا حَتَّى يُرهب الْإِنْسِيَّ وَيَخَافُ مِنْهُ، ثُمَّ رَدَّه عَلَيْهِ لَمَّا اسْتَجَارَ بِهِ، لِيُضِلَّهُ وَيُهِينَهُ، وَيُخْرِجَهُ عَنْ دِينِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ


Al-Qanooji
(وأنه كان رجال) في الجاهلية (من الإنس يعوذون) أي يستعيذون (برجال من الجن) حين ينزلون في سفرهم بمخوف، قال الحسن وابن زيد وغيرهما: كان العرب إذا نزل الرجل بواد قال أعوذ بسيد هذا الوادي من شر سفهاء قومه، فيبيت في جواره حتى يصبح، فنزلت هذه الآية، قال مقاتل: كان أول من تعوذ بالجن قوم من أهل اليمن ثم من بني حنيفة ثم فشا ذلك في العرب، فلما جاء الإسلام عاذوا بالله وتركوهم.

(فزادوهم) أي زاد رجال الجن من يعوذ بهم من رجال الإنس، أو زاد المستعيذون من رجال الإنس من استعاذوا بهم من رجال الجن (رهقاً) لأن المستعاذ بهم كانوا يقولون سدنا الجن والإنس، وبالأول قال مجاهد وقتادة وبالثاني قال أبو العالية وقتادة والربيع بن أنس وابن زيد.

Q. What is "رهقا"?
والرهق في كلام العرب الإثم وغشيان المحارم، ورجل رهق إذا كان كذلك، ومنه قوله (ترهقهم ذلة) أي تغشاهم وقيل الرهق الخوف أي أن الجن زادت الإنس بهذا التعوذ بهم خوفاً منهم، وقيل كان الرجل من الإنس يقول أعوذ بفلان من سادات العرب من جن هذا الوادي.
ويؤيد هذا ما قيل من أن لفظ رجال لا يطلق على الجن فيكون قوله برجال وصفاً لمن يستعيذون به من رجال الإنس أي يعوذون بهم من شر الجن، وهذا فيه بعد، وإطلاق لفظ رجال على الجن على تسليم عدم صحته لغة لا مانع من إطلاقه عليهم هنا من باب المشاكلة، قال ابن عباس: كان القوم في الجاهلية إذا نزلوا بالوادي قالوا نعوذ بسيد هذا الوادي من شر ما فيه، فلا يكون شيء أشد ولعاً منهم بهم، فذلك قوله: (فزادهم رهقاً).


Al-Qurtubi
وقيل: انقطع الاخبار عن الجن ها هنا فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ فَمَنْ فَتَحَ وَجَعَلَهُ مِنْ قَوْلِ الْجِنِّ ردها إلى قوله: أَنَّهُ اسْتَمَعَ [الجن: ١]، وَمَنْ كَسَرَ جَعَلَهَا مُبْتَدَأً مِنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى. وَالْمُرَادُ بِهِ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ مِنْ قَوْلِ الرَّجُلِ إِذَا نَزَلَ بِوَادٍ: أَعُوذُ بِسَيِّدِ هَذَا الْوَادِي مِنْ شَرِّ سُفَهَاءِ قَوْمِهِ، فَيَبِيتُ فِي جِوَارِهِ حَتَّى يُصْبِحَ، قَالَهُ الْحَسَنُ وَابْنُ زَيْدٍ وَغَيْرُهُمَا. قَالَ مُقَاتِلٌ: كَانَ أَوَّلُ مَنْ تَعَوَّذَ بِالْجِنِّ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ، ثُمَّ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ، ثُمَّ فَشَا ذَلِكَ فِي الْعَرَبِ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ عَاذُوا بِاللَّهِ وَتَرَكُوهُمْ.


Q. What is "رهقا"?
وَقَالَ كَرْدَمُ بْنُ أَبِي السَّائِبِ: خَرَجْتُ مَعَ أَبِي إِلَى الْمَدِينَةِ أَوَّلَ مَا ذُكِرَ النَّبِيُّ ﷺ،فَآوَانَا الْمَبِيتُ إِلَى رَاعِي غَنَمٍ، فَلَمَّا انْتَصَفَ اللَّيْلُ جَاءَ الذِّئْبُ فَحَمَلَ حَمَلًا مِنَ الْغَنَمِ، فَقَالَ الرَّاعِي: يَا عَامِرَ الْوَادِي، [أَنَا جَارُكَ. فَنَادَى مُنَادٍ يَا سَرْحَانُ أَرْسِلْهُ، فَأَتَى الْحَمَلُ يَشْتَدُّ(٥). وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى رَسُولِهِ بِمَكَّةَ: وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً أَيْ زَادَ الْجِنُّ الْإِنْسَ رَهَقاً أَيْ خَطِيئَةً وَإِثْمًا، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ. وَالرَّهَقُ: الْإِثْمُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَغِشْيَانُ الْمَحَارِمِ، وَرَجُلٌ رَهِقٌ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تعالى: وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ [يونس: ٢٧] وقال الأعشى: لا شي يَنْفَعُنِي مِنْ دُونِ رُؤْيَتِهَا ... هَلْ يَشْتَفِي وَامِقٌ(٦) مَا لَمْ يُصِبْ رَهَقَا
يَعْنِي إِثْمًا. وَأُضِيفَتِ الزِّيَادَةُ إِلَى الْجِنِّ إِذْ كَانُوا سَبَبًا لَهَا. وَقَالَ مُجَاهِدٌ أَيْضًا: فَزادُوهُمْ أَيْ إِنَّ الْإِنْسَ زَادُوا الْجِنَّ طُغْيَانًا بِهَذَا التَّعَوُّذِ، حَتَّى قَالَتِ الْجِنُّ: سُدْنَا الْإِنْسَ وَالْجِنَّ. وَقَالَ قَتَادَةُ أَيْضًا وَأَبُو الْعَالِيَةِ وَالرَّبِيعُ وَابْنُ زَيْدٍ: ازْدَادَ الْإِنْسُ بِهَذَا فَرَقًا وَخَوْفًا مِنَ الْجِنِّ. وَقَالَ سَعِيدُ ابن جُبَيْرٍ: كُفْرًا. وَلَا خَفَاءَ أَنَّ الِاسْتِعَاذَةَ بِالْجِنِّ دُونَ الِاسْتِعَاذَةِ بِاللَّهِ كُفْرٌ وَشِرْكٌ. وَقِيلَ: لَا يُطْلَقُ لَفْظُ الرِّجَالِ عَلَى الْجِنِّ، فَالْمَعْنَى: وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ مِنْ شَرِّ الجن بِرِجَالٍ مِنَ الْإِنْسِ، وَكَانَ الرَّجُلُ مِنَ الْإِنْسِ يَقُولُ مَثَلًا: أَعُوذُ بِحُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ مِنْ جِنِّ هَذَا الْوَادِي. قَالَ الْقُشَيْرِيُّ: وَفِي هَذَا تَحَكُّمٌ إِذْ لَا يَبْعُدُ إِطْلَاقُ لَفْظِ الرِّجَالِ عَلَى الْجِنِّ.

Verse 7:
 

At-Tabari

Q. Who does "ظنوا" refer to? 

Q. Who does "ظننتم" refer to?

Q. "لن يبعث" - Where they doubting in the resurrection or doubting in Allah sending a Messenger?

يعني أن الرجال من الجنّ ظنوا كما ظنّ الرجال من الإنس أن لن يبعث الله أحدا رسولا إلى خلقه، يدعوهم إلى توحيده.


Al-Baghawi

Q. Who does "ظنوا" refer to? 


﴿وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا﴾ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ الْجِنَّ ظَنُّوا 
Q. Who does "ظننتم" refer to?
﴿كَمَا ظَنَنْتُمْ﴾ يَا مَعْشَرَ الْكُفَّارِ مِنَ الْإِنْسِ 


Q. "لن يبعث" - Where they doubting in the resurrection or doubting in Allah sending a Messenger?

(أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا﴾ بَعْدَ مَوْتِهِ.

Ibn Kathir
Q. "لن يبعث" - Where they doubting in the resurrection or doubting in Allah sending a Messenger?
وَقَوْلُهُ: ﴿وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا﴾ أَيْ: لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ بَعْدَ هَذِهِ الْمُدَّةِ رَسُولًا. قَالَهُ الْكَلْبِيُّ، وَابْنُ جَرِيرٍ

Al-Qanooji

Q. Who does "ظنوا" refer to? 

Q. Who does "ظننتم" refer to?

Q. "لن يبعث" - Where they doubting in the resurrection or doubting in Allah sending a Messenger?

(وأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحداً) أي وأن الجن ظنوا كما ظننتم أيها الناس أنه لا بعث بعد الموت، فتكون هذه الآية وما قبلها من جملة الكلام الموحى به، وقيل المعنى: وأن الإنس ظنوا كما ظننتم أيها الجن. على أنه كلام بعض الجن لبعض، والمعنى أنهم لا يؤمنون بالبعث كما أنكم لا تؤمنون به. وهذان القولان من كلام الله تعالى معترضان في خلال كلام الجن المحكي عنهم عند بعض المفسرين. وعند بعضهم هما من جملة كلام الجن، وعليه فلا اعتراضم، في الكلام، تأمل.


Al-Qurtubi

Q. Who does "ظنوا" refer to? 

Q. Who does "ظننتم" refer to?

Q. "لن يبعث" - Where they doubting in the resurrection or doubting in Allah sending a Messenger?

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً﴾ هَذَا مِنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى لِلْإِنْسِ أَيْ وَأَنَّ الْجِنَّ ظَنُّوا أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ الْخَلْقَ كَمَا ظَنَنْتُمْ. الْكَلْبِيُّ: الْمَعْنَى: ظَنَّتِ الْجِنُّ كَمَا ظَنَّتِ الْإِنْسُ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ رَسُولًا إِلَى خَلْقِهِ(٧) يُقِيمُ بِهِ الْحُجَّةَ عَلَيْهِمْ. وَكُلُّ هَذَا تَوْكِيدٌ لِلْحُجَّةِ عَلَى قُرَيْشٍ، أَيْ إِذَا آمَنَ هَؤُلَاءِ الْجِنُّ بِمُحَمَّدٍ، فَأَنْتُمْ أَحَقُّ بِذَلِكَ.

Verse 8:
 

At-Tabari
يقول عزّ وجلّ مخبرا عن قيل هؤلاء النفر: وأنا طلبنا السماء وأردناها، ﴿فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ﴾ يقول: فوجدناها ملئت ﴿حَرَسًا شَدِيدًا﴾ يعني حفظة ﴿وَشُهُبًا﴾ وهي جمع شهاب، وهي النجوم التي كانت تُرجم بها الشياطين.

Al-Baghawi
﴿وَأَنَّا﴾ تَقُولُ الْجِنُّ ﴿لَمَسْنَا السَّمَاءَ﴾ قَالَ الْكَلْبِيُّ: السَّمَاءُ الدُّنْيَا ﴿فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا﴾ مِنَ الْمَلَائِكَةِ ﴿وَشُهُبًا﴾ مِنَ النُّجُومِ.

Ibn Kathir

Q. When did this happen? 

يُخْبِرُ تَعَالَى عَنِ الْجِنِّ حِينَ بَعَثَ اللَّهُ رَسُولَهُ مُحَمَّدًا ﷺ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ، وَكَانَ مِنْ حِفْظِهِ لَهُ أَنَّ السَّمَاءَ مُلئَت حَرَسًا شَدِيدًا، وَحُفِظَتْ مِنْ سَائِرِ أَرْجَائِهَا، وَطُرِدَتِ الشَّيَاطِينُ عَنْ مَقَاعِدِهَا الَّتِي كَانَتْ تَقْعُدُ فِيهَا قَبْلَ ذَلِكَ؛ لِئَلَّا يَسْتَرِقُوا شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ. فَيُلْقُوهُ عَلَى أَلْسِنَةِ الْكَهَنَةِ، فَيَلْتَبِسُ الْأَمْرُ وَيَخْتَلِطُ وَلَا يُدْرَى مَنِ الصَّادِقُ. وَهَذَامِنْ مِنْ لُطْفِ اللَّهِ بِخَلْقِهِ وَرَحْمَتِهِ بِعِبَادِهِ، وَحِفْظِهِ لِكِتَابِهِ الْعَزِيزِ، وَلِهَذَا قَالَ الْجِنِّ: ﴿وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا)

Al-Qanooji
(وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ) هذا من قول الجن أيضاًً أي طلبنا خبرها كما جرت به عادتنا، واللمس المس فاستعير للطلب لأن الماس طالب متعرف (فوجدناها ملئت حرساً شديداً) أي جمعاً أقوياء من الملائكة يحرسونها عن استراق السمع، والحرس جمع حارس وهو الرقيب، والمصدر الحراسة، وقيل إسم مفرد في معنى الحراس كالخدم في معنى الخدام، ولذا وصف بشديد، ولو نظر إلى معناه لقيل شداداً، وشهباً جمع شهاب وهو الشعلة المقتبسة من نار الكوكب. كما تقدم بيانه في تفسير قوله: (وجعلناها رجوماً للشياطين).

Al-Qurtubi
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ هَذَا مِنْ قَوْلِ الْجِنِّ، أَيْ طَلَبْنَا خَبَرَهَا كَمَا جَرَتْ عَادَتُنَا فَوَجَدْناها قَدْ مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً أَيْ حَفَظَةً، يَعْنِي الْمَلَائِكَةَ. وَالْحَرَسُ: جَمْعُ حَارِسٍ وَشُهُباً جَمْعُ شِهَابٍ، وَهُوَ انْقِضَاضُ الْكَوَاكِبِ الْمُحْرِقَةِ لَهُمْ عَنِ اسْتِرَاقِ السَّمْعِ. وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِيهِ فِي سُورَةِ "الْحِجْرِ" "وَالصَّافَّاتِ". وَ "وَجَدَ" يَجُوزُ أَنْ يُقَدَّرَ مُتَعَدِّيًا إِلَى مَفْعُولَيْنِ، فَالْأَوَّلُ الْهَاءُ وَالْأَلِفُ، ومُلِئَتْ فِي مَوْضِعِ الْمَفْعُولِ الثَّانِي. وَيَجُوزُ أَنْ يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ وَيَكُونُ مُلِئَتْ فِي مَوْضِعِ الحال على إضمار قد. وحَرَساً نُصِبَ عَلَى الْمَفْعُولِ الثَّانِي بِ- مُلِئَتْ. وشَدِيداً مِنْ نَعْتِ الْحَرَسِ، أَيْ مُلِئَتْ مَلَائِكَةً شِدَادًا. وَوَحَّدَ الشَّدِيدَ عَلَى لَفْظِ الْحَرَسِ، وَهُوَ كَمَا يُقَالُ: السَّلَفُ الصَّالِحُ بِمَعْنَى الصَّالِحِينَ، وَجَمْعُ السَّلَفِ أَسْلَافٌ وَجَمْعُ الْحَرَسِ أَحْرَاسٌ، قَالَ: (تَجَاوَزْتُ أَحْرَاسًا وَأَهْوَالَ مَعْشَرٍ) 
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَرَساً مَصْدَرًا عَلَى مَعْنَى حُرِسَتْ حِرَاسَةً شَدِيدَةً.



Verse 9:
 
At-Tabari
يقول عزّ وجلّ: وأنا كنا معشر الجنّ نقعد من السماء مقاعد لنسمع ما يحدث، وما يكون فيها، ﴿فَمَنْ يَسْتَمِعِ الآنَ﴾ فيها منا ﴿يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا﴾ يعني: شهاب نار قد رصد له به.

Q. When did this happen? 
عن قتادة قوله: ﴿وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ﴾ ... إلى قوله: ﴿فمن يستمع الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا﴾ كانت الجنّ تسمع سمع السماء؛ فلما بعث الله نبيه، حُرست السماء، ومُنعوا ذلك، فتفقَّدت 
الجنّ ذلك من أنفسها
وذُكر لنا أن أشراف الجنّ كانوا بنصيبين، فطلبوا ذلك، وضربوا له حتى سقطوا على نبيّ الله ﷺ وهو يصلي بأصحابه عامدًا إلى عكاظ

Al-Baghawi
﴿وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا﴾ مِنَ السَّمَاءِ ﴿مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ﴾ أَيْ: كُنَّا نَسْتَمِعُ ﴿فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا﴾ أُرْصِدَ لَهُ لِيُرْمَى بِهِ.

Q. Were the Shayateen shot at after the Prophethood of the Prophet ﷺ or before as well?   

قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: إِنَّ الرَّجْمَ كَانَ قَبْلَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ ﷺ وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلَ مَا كَانَ بَعْدَ مَبْعَثِهِ فِي شِدَّةِ الْحِرَاسَةِ، وَكَانُوا يَسْتَرِقُونَ السَّمْعَ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ، فَلَمَّا بُعِثَ [النَّبِيُّ ﷺ](١) مُنِعُوا مِنْ ذَلِكَ أَصْلًا(٢) 

Ibn Kathir
وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا﴾ أَيْ: مَنْ يَرُومُ أَنْ يَسْتَرِقَ السَّمْعَ الْيَوْمَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا مُرْصِدًا لَهُ، لَا يَتَخَطَّاهُ وَلَا يَتَعَدَّاهُ، بَلْ يَمْحَقُهُ وَيُهْلِكُهُ


Al-Qanooji

Q. What is "مقاعد لسمع"

(وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع) أي وإنا كنا معشر الجن قبل هذا نقعد من السماء مواضع نقعد في مثلها لاستماع الأخبار من السماء؛ وللسمع متعلق بنقعد أي لأجل السمع أو بمضمر هو صفة لمقاعد أي مقاعد كائنة للسمع، والمقاعد جمع مقعد إسم مكان وذلك أن مردة الجن كانوا يفعلون ذلك ليسمعوا من الملائكة أخبار السماء فيلقونها إلى الكهنة،

Q. When did this happen? 
فحرسها الله سبحانه ببعثة رسوله صلى الله عليه وسلم بالشهب المحرقة.
Q. Were the Shayateen shot at after the Prophethood of the Prophet ﷺ or before as well?   
عن ابن عباس قال: " كانت الشياطين لهم مقاعد في السماء يسمعون فيها الوحي فإذا سمعوا الكلمة زادوا فيها تسعاً فأما الكلمة فتكون حقاً. وأما ما زادوا فيكون باطلاً فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم منعوا مقاعدهم، فذكروا ذلك لإبليس، ولم تكن النجوم يرمى بها قبل ذلك فقال لهم ما هذا إلا من أمر قد حدث في الأرض، فبعث جنوده فوجدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً يصلي بين جبلين بمكة، فأتوه فأخبروه فقال هذا الحدث الذي حدث في الأرض " أخرجه أحمد والترمذي وصححه النسائي وغيرهم

(فمن يستمع الآن يجد له شهاباً رصداً) أي أرصد له ليرمي به أو لأجله لمنعه من الاستماع، وقوله (الآن) هو ظرف للحال واستعير هنا للاستقبال لأنهم لا يريدون به وقت قولهم فقط، وانتصاب رصداً على أنه صفة لشهاباً أو مفعول له وهو مفرد، ويجوز أن يكون اسم جمع كالحرس.
Q. Were the Shayateen shot at after the Prophethood of the Prophet ﷺ or before as well?
وقد اختلف أهل العلم هل كانت الشياطين ترمى بالشهب وتقذف قبل المبعث أم لا؟ فقال قوم لم يكن ذلك وحكى الواحدي عن معمر قال قلت للزهري؟ أكان يرمى بالنجوم في الجاهلية؟ قال نعم قلت أفرأيت قوله (وأنا كنا نقعد منها) الآية؟ قال غلظ وشدد أمرها حين بعث محمد صلى الله عليه وسلم، قال ابن قتيبة: إن الرجم قد كان قبل مبعثه ولكنه لم يكن مثله في شدة الحراسة بعد مبعثه، وكانوا يسترقوق السمع في بعض الأحوال، فلما بعث منعوا من ذلك أصلاً.

وقال عبد الملك بن سابور: ولم تكن السماء تحرس في الفترة بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام: فلما بعث محمد صلى الله عليه وآله وسلم حرست السماء ورميت الشياطين بالشهب، ومنعت من الدنو إلى السماء، وقال نافع بن جبير: كانت الشياطين في الفترة تسمع فلا ترمى، فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وآله رميت بالشهب، قال الزمخشري: والصحيح أنه كان قبل البعث، فلما بعث صلى الله عليه وسلم كثر الرجم وازداد زيادة ظاهرة حتى تنبه لها الإنس والجن ومنع الاستراق أصلاً؛ وقد تقدم البحث عن هذا.


Al-Qurtubi
مِنْها أي من السماء
Q. What is "مقاعد لسمع"?
ومَقاعِدَ: مَوَاضِعُ يُقْعَدُ فِي مِثْلِهَا لِاسْتِمَاعِ الْأَخْبَارِ مِنَ السَّمَاءِ، يَعْنِي أَنَّ مَرَدَةَ الْجِنِّ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ لِيَسْتَمِعُوا مِنَ الْمَلَائِكَةِ أَخْبَارَ السَّمَاءِ حَتَّى يُلْقُوهَا إِلَى الْكَهَنَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ، 
Q. When did this happen? 
فَحَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى حِينَ بَعَثَ رَسُولَهُ بِالشُّهُبِ الْمُحْرِقَةِ، فَقَالَتِ الْجِنُّ حِينَئِذٍ: فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً يَعْنِي بِالشِّهَابِ: الْكَوْكَبَ الْمُحْرِقَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ. وَيُقَالُ: لَمْ يَكُنِ انْقِضَاضُ الْكَوَاكِبِ إِلَّا بَعْدَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ ﷺ وَهُوَ آيَةٌ مِنْ آيَاتِهِ.

Q. Were the Shayateen shot at after the Prophethood of the Prophet ﷺ or before as well?
وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ هَلْ كَانَتِ الشَّيَاطِينُ تُقْذَفُ قَبْلَ الْمَبْعَثِ، أَوَ كَانَ ذَلِكَ أَمْرًا حَدَثَ لِمَبْعَثِ النَّبِيِّ ﷺ؟ فَقَالَ الْكَلْبِيُّ وَقَالَ(٥) قَوْمٌ: لَمْ تَكُنْ تُحْرَسُ السَّمَاءُ فِي الْفَتْرَةِ بَيْنَ عِيسَى وَمُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا وَسَلَامُهُ: خَمْسِمِائَةِ عَامٍ، وَإِنَّمَا كَانَ مِنْ أَجْلِ بَعْثَةِ النَّبِيِّ ﷺ، فَلَمَّا بُعِثَ مُحَمَّدٌ ﷺ منعوا من السموات كُلِّهَا، وَحُرِسَتْ بِالْمَلَائِكَةِ وَالشُّهُبِ. قُلْتُ: وَرَوَاهُ عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: لَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي نُبِّئَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مُنِعَتِ الشَّيَاطِينُ، وَرُمُوا بِالشُّهُبِ. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ سَابُورَ: لَمْ تَكُنِ السَّمَاءُ تُحْرَسُ فِي الْفَتْرَةِ بَيْنَ عِيسَى وَمُحَمَّدٍ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَلَمَّا بُعِثَ مُحَمَّدٌ ﷺ حرست السماء، ورميت الشياطين بالشهب، وَمُنِعَتْ عَنِ الدُّنُوِّ مِنَ السَّمَاءِ. وَقَالَ نَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ: كَانَتِ الشَّيَاطِينُ فِي الْفَتْرَةِ تَسْمَعُ فَلَا تُرْمَى، فَلَمَّا بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ رُمِيَتْ بِالشُّهُبِ. وَنَحْوُهُ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: لَمْ يُرْمَ بِنَجْمٍ مُنْذُ رُفِعَ عِيسَى حَتَّى نُبِّئَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَرُمِيَ بِهَا. وَقِيلَ: كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْمَبْعَثِ، وَإِنَّمَا زَادَتْ بِمَبْعَثِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِنْذَارًا بِحَالِهِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: مُلِئَتْ أَيْ زِيدَ فِي حَرَسِهَا، وَقَالَ أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ وَهُوَ جَاهِلِيٌّ: فَانْقَضَّ كَالدُّرِّيِّ يَتْبَعُهُ ... نَقْعٌ يَثُورُ تَخَالُهُ طُنُبَا
وَهَذَا قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ. وَقَدْ أَنْكَرَ الْجَاحِظُ هَذَا الْبَيْتَ وَقَالَ: كُلُّ شِعْرٍ رُوِيَ فِيهِ فَهُوَ مَصْنُوعٌ، وَأَنَّ الرَّمْيَ لَمْ يَكُنْ قَبْلَ الْمَبْعَثِ. وَالْقَوْلُ بِالرَّمْيِ أَصَحُّ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً. وَهَذَا إِخْبَارٌ عَنِ الْجِنِّ، أَنَّهُ(٦) زِيدَ فِي حَرَسِ السَّمَاءِ حَتَّى امْتَلَأَتْ مِنْهَا وَمِنْهُمْ، وَلِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بَيْنَمَا النَّبِيُّ ﷺ جَالِسٌ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ إِذْ رُمِيَ بِنَجْمٍ، فَقَالَ: [مَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ فِي مِثْلِ هَذَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ [؟ قَالُوا: كُنَّا نَقُولُ يَمُوتُ عَظِيمٌ أَوْ يُولَدُ عَظِيمٌ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: [إِنَّهَا لَا تُرْمَى لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنَّ رَبَّنَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِذَا قَضَى أَمْرًا فِي السَّمَاءِ سَبَّحَ حَمَلَةُ الْعَرْشِ ثُمَّ سَبَّحَ أَهْلُ كُلِّ سَمَاءٍ، حَتَّى يَنْتَهِيَ التَّسْبِيحُ إِلَى هَذِهِ السَّمَاءِ وَيَسْتَخْبِرَ أَهْلُ السَّمَاءِ حَمَلَةَ الْعَرْشِ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ فَيُخْبِرُونَهُمْ وَيُخْبَرُ أَهْلُ كُلِّ سَمَاءٍ حَتَّى يَنْتَهِيَ الْخَبَرُ إِلَى هَذِهِ، فَتَتَخَطَّفُ الْجِنُّ فَيُرْمَوْنَ فَمَا جَاءُوا بِهِ فَهُوَ حَقٌّ وَلَكِنَّهُمْ يَزِيدُونَ فِيهِ [. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرَّجْمَ كَانَ قَبْلَ الْمَبْعَثِ. وَرَوَى الزُّهْرِيُّ نَحْوَهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَفِي آخِرِهِ قِيلَ لِلزَّهْرِيِّ: أَكَانَ يُرْمَى فِي الْجَاهِلِيَّةِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: أَفَرَأَيْتَ قَوْلَهُ سُبْحَانَهُ: وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً قَالَ: غُلِّظَتْ وَشُدِّدَ أَمْرُهَا حِينَ بُعِثَ النَّبِيُّ ﷺ. وَنَحْوَهُ قَالَ الْقُتَبِيُّ. قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: كَانَ وَلَكِنِ اشْتَدَّتِ الْحِرَاسَةُ بَعْدَ الْمَبْعَثِ، وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَرِقُونَ وَيُرْمَوْنَ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ، فَلَمَّا بُعِثَ مُحَمَّدٌ ﷺ مُنِعَتْ مِنْ ذَلِكَ أَصْلًا. وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ هَذَا فِي سورة "الصافات"(٧) عِنْدَ قَوْلِهِ: وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ. دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ [الصافات: ٩ - ٨] قَالَ الْحَافِظُ: فَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: كَيْفَ تَتَعَرَّضُ الْجِنُّ لِإِحْرَاقِ نَفْسِهَا بِسَبَبِ اسْتِمَاعِ خَبَرٍ، بَعْدَ أَنْ صَارَ ذَلِكَ مَعْلُومًا لَهُمْ؟ فَالْجَوَابُ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُنْسِيهِمْ ذَلِكَ حَتَّى تَعْظُمَ الْمِحْنَةُ، كَمَا يَنْسَى إِبْلِيسُ فِي كُلِّ وَقْتٍ أَنَّهُ لَا يُسْلِمُ، وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لَهُ: وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلى يَوْمِ الدِّينِ [الحجر: ٣٥] وَلَوْلَا هَذَا لَمَا تَحَقَّقَ التَّكْلِيفُ. وَالرَّصَدُ: قِيلَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، أَيْ وَرَصَدًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ. وَالرَّصَدُ: الْحَافِظُ لِلشَّيْءِ وَالْجَمْعُ أَرْصَادٌ، وَفِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَمْعًا كَالْحَرَسِ، وَالْوَاحِدُ: رَاصِدٌ. وَقِيلَ: الرَّصَدُ هُوَ الشِّهَابُ، أَيْ شِهَابًا قَدْ أُرْصِدَ لَهُ، لِيُرْجَمَ بِهِ، فَهُوَ فَعَلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ كَالْخَبَطِ وَالنَّفَضِ.


Verse 10:
 

At-Tabari
يقول عزّ وجلّ مخبرا عن قيل هؤلاء النفر من الجنّ: وأنا لا ندري أعذابا أراد الله أن ينزله بأهل الأرض، بمنعه إيانا السمع من السماء ورجمه من استمع منا فيها بالشهب ﴿أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا﴾ يقول: أم أراد بهم ربهم الهدى بأن يبعث منهم رسولا مرشدا يرشدهم إلى الحقّ وهذا التأويل على التأويل الذي ذكرناه عن ابن زيد قبل.
وذُكر عن الكلبي في ذلك ما:  حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، عن الكلبي في قوله: ﴿وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا﴾ أن يطيعوا هذا الرسول فيرشدهم أو يعصوه فيهلكهم.
وإنما قلنا القول الأوّل لأن قوله: ﴿وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأرْضِ﴾ عقيب قوله: ﴿وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ﴾ ... الآية، فكان ذلك بأن يكون من تمام قصة ما وليه وقرب منه أولى بأن يكون من تمام خبر ما بعد عنه.


Al-Baghawi
(وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ﴾ بِرَمْيِ الشُّهُبِ ﴿أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا﴾


Ibn Kathir
﴿وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا﴾ أَيْ: مَا نَدْرِي هَذَا الْأَمْرَ الَّذِي قَدْ حَدَثَ فِي السَّمَاءِ، لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ، أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا؟ وَهَذَا مِنْ أَدَبِهِمْ فِي الْعِبَارَةِ حَيْثُ أَسْنَدُوا الشَّرَّ إِلَى غَيْرِ فَاعِلٍ، وَالْخَيْرَ أَضَافُوهُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَقَدْ وَرَدَ فِي الصَّحِيحِ: "وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ". وَقَدْ كَانَتِ الْكَوَاكِبُ يُرمَى بِهَا قَبْلَ ذَلِكَ، وَلَكِنْ لَيْسَ بِكَثِيرٍ بَلْ فِي الْأَحْيَانِ بَعْدَ الْأَحْيَانِ، كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إذا رُمِيَ بِنَجْمٍ فَاسْتَنَارَ، فَقَالَ: "مَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ فِي هَذَا؟ فَقُلْنَا: كُنَّا نَقُولُ: يُولَدُ عَظِيمٌ، يَمُوتُ عَظِيمٌ، فَقَالَ: "لَيْسَ كَذَلِكَ، وَلَكِنَّ اللَّهَ إِذَا قَضَى الْأَمْرَ فِي السَّمَاءِ"، وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ، وَقَدْ أَوْرَدْنَاهُ فِي سُورَةِ "سَبَأٍ" بِتَمَامِهِ وَهَذَا هُوَ السَّبَبُ الَّذِي حَمَلَهُمْ عَلَى تَطَلُّبِ السَّبَبِ فِي ذَلِكَ، فَأَخَذُوا يَضْرِبُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا، فَوَجَدُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقْرَأُ بِأَصْحَابِهِ فِي الصَّلَاةِ، فَعَرَفُوا أَنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي حُفِظَتْ مِنْ أَجْلِهِ السَّمَاءُ، فَآمَنَ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ، وَتَمَرَّدَ فِي طُغْيَانِهِ مَنْ بَقِيَ، كَمَا تَقَدَّمَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ، عِنْدَ قَوْلِهِ فِي سُورَةِ الْأَحْقَافِ": ﴿وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ﴾ الْآيَةَ ٢٩. وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَمَّا حَدَثَ هَذَا الْأَمْرُ وَهُوَ كَثْرَةُ الشُّهُبِ فِي السَّمَاءِ وَالرَّمْيُ بِهَا، هَالَ ذَلِكَ الْإِنْسَ وَالْجِنَّ وَانْزَعَجُوا لَهُ وَارْتَاعُوا لِذَلِكَ، وَظَنُّوا أَنَّ ذَلِكَ لِخَرَابِ الْعَالَمِ -كَمَا قَالَ السُّدِّيُّ: لَمْ تَكُنِ السَّمَاءُ تُحْرَسُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْأَرْضِ نَبِيٌّ أَوْ دِينٌ لِلَّهِ ظَاهِرٌ، فَكَانَتِ الشَّيَاطِينُ قَبْلَ مُحَمَّدٍ ﷺ قَدِ اتَّخَذَتِ الْمَقَاعِدَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا، يَسْتَمِعُونَ مَا يَحْدُثُ فِي السَّمَاءِ مِنْ أَمْرٍ. فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا نَبِيًّا، رُجموا لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي، فَفَزِعَ لِذَلِكَ أَهْلُ الطَّائِفِ، فَقَالُوا: هَلَكَ أَهْلُ السَّمَاءِ، لَمَّا رَأَوْا مِنْ شِدَّةِ النَّارِ فِي السَّمَاءِ وَاخْتِلَافِ الشُّهُبِ. فَجَعَلُوا يُعْتِقُونَ أَرِقَّاءَهُمْ ويُسَيِّبون مَوَاشِيَهُمْ، فقال لهم عبد يا ليل بْنُ عَمْرِو بْنِ عُمَيْرٍ: وَيْحَكُمْ يَا مَعْشَرَ أَهْلِ الطَّائِفِ. أَمْسِكُوا عَنْ أَمْوَالِكُمْ، وَانْظُرُوا إِلَى مَعَالِمِ النُّجُومِ فَإِنْ رَأَيْتُمُوهَا مُسْتَقِرَّةً فِي أَمْكِنَتِهَا فَلَمْ يَهْلِكْ أَهْلُ السَّمَاءِ، إِنَّمَا هَذَا مِنْ أَجْلِ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ -يَعْنِي: مُحَمَّدًا ﷺ-وَإِنْ أَنْتُمْ لَمْ تَرَوْهَا فَقَدْ هَلَكَ أَهْلُ السَّمَاءِ. فَنَظَرُوا فَرَأَوْهَا، فَكَفُّوا عَنْ أَمْوَالِهِمْ. وَفَزِعَتِ الشَّيَاطِينُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ، فَأَتَوْا إِبْلِيسَ فَحَدَّثُوهُ بِالَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ، فَقَالَ: ائْتُونِي مِنْ كُلِّ أَرْضٍ بِقَبْضَةٍ مِنْ تُرَابٍ أَشُمُّهَا. فَأَتَوْهُ فَشَم فَقَالَ: صَاحِبُكُمْ بِمَكَّةَ. فَبَعَثَ سَبْعَةَ نَفَرٍ مِنْ جِنِّ نُصَيْبِينَ، فَقَدِمُوا مَكَّةَ فَوَجَدُوا رَسُولَ اللَّه ﷺ قَائِمًا يُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، فَدَنَوْا مِنْهُ حِرْصًا عَلَى الْقُرْآنِ حَتَّى كَادَتْ كَلَاكِلُهُمْ تُصِيبُهُ، ثُمَّ أَسْلَمُوا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى أَمْرَهُمْ عَلَى نَبِيِّهِ ﷺ، وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْفَصْلَ مُسْتَقْصًى فِي أَوَّلِ الْبَعْثِ مِنْ (كِتَابِ السِّيرَةِ) الْمُطَوَّلِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.


Al-Qanooji
(وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض) بسبب هذه الحراسة للسماء. وارتفاع الشر على الاشتغال أو على الابتداء وخبره ما بعده. والأول أولى لتقدم طالب الفعل على الاشتغال أو على الابتداء وخبره ما بعده. والأول (أم أراد بهم ربهم رشداً) أي خيراً: قال ابن زيد قال إبليس لا ندري أأراد الله بهذا المنع أن ينزل على أهل الأرض عذاباً أو يرسل إليهم رسولاً؟ والجملة سادة مسد مفعولي ندري، والأولى أن هذا من قول الجن فيما بينهم، وليس من قول إبليس كما قال ابن زيد.


Al-Qurtubi
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَيْ هَذَا الْحَرَسُ الَّذِي حُرِسَتْ بِهِمُ السَّمَاءُ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً أَيْ خَيْرًا. قَالَ ابْنُ زَيْدٍ. قَالَ إِبْلِيسُ لَا نَدْرِي: هَلْ أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا الْمَنْعِ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ عَذَابًا أَوْ يُرْسِلَ إِلَيْهِمْ رَسُولًا. وَقِيلَ: هُوَ مِنْ قَوْلِ الْجِنِّ فِيمَا بَيْنَهُمْ قَبْلَ أَنْ يَسْمَعُوا قِرَاءَةَ النَّبِيِّ ﷺ أَيْ لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ بِإِرْسَالِ مُحَمَّدٍ إِلَيْهِمْ، فَإِنَّهُمْ يُكَذِّبُونَهُ وَيَهْلِكُونَ بِتَكْذِيبِهِ كَمَا هَلَكَ مَنْ كَذَّبَ مِنَ الْأُمَمِ، أَمْ أَرَادَ أَنْ يُؤْمِنُوا فَيَهْتَدُوا، فَالشَّرُّ وَالرَّشَدُ عَلَى هَذَا الْكُفْرُ وَالْإِيمَانُ، وَعَلَى هَذَا كَانَ عِنْدَهُمْ عِلْمٌ بِمَبْعَثِ النَّبِيِّ ﷺ، وَلَمَّا سَمِعُوا قِرَاءَتَهُ عَلِمُوا أَنَّهُمْ مُنِعُوا مِنَ السَّمَاءِ حِرَاسَةً لِلْوَحْيِ. وَقِيلَ: لَا، بَلْ هَذَا قَوْلٌ قَالُوهُ لِقَوْمِهِمْ بَعْدَ أَنِ انْصَرَفُوا إِلَيْهِمْ مُنْذِرِينَ، أَيْ لَمَّا آمَنُوا أَشْفَقُوا أَلَّا يُؤْمِنَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ فَقَالُوا: إِنَّا لَا نَدْرِي أَيَكْفُرُ أَهْلُ الأرض بما آمنا به أم(٨) يؤمنون؟

Verse 11:
 

At-Tabari
يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيلهم: ﴿وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ﴾ وهم المسلمون العاملون بطاعة الله

Q. What does "دون ذالك" imply? 

﴿وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ﴾ يقول: ومنا دون الصالحين

Q. What does "قددا' mean? 

﴿كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا﴾ يقول: وأنا كنا أهواء مختلفة، وفِرَقا شتى، منا المؤمن والكافر. والطرائق: جمع طريقة، وهي طريقة الرجل ومذهبه. والقِدد: جمع قدّة، وهي الضروب والأجناس المختلفة.


Al-Baghawi
Q. What does "دون ذالك" imply? 
﴿وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ﴾ دُونَ الصَّالِحِينَ ﴿كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا﴾ أَيْ: جَمَاعَاتٍ مُتَفَرِّقِينَ وَأَصْنَافًا مُخْتَلِفَةً،
Q. What does "قددا' mean? 
وَالْقِدَّةُ: الْقِطْعَةُ مِنَ الشَّيْءِ، يُقَالُ: صَارَ الْقَوْمُ قِدَدًا إِذَا اخْتَلَفَتْ حَالَاتُهُمْ، وَأَصْلُهَا مِنَ الْقَدِّ وَهُوَ الْقَطْعُ. قَالَ مُجَاهِدٌ: يَعْنُونَ: مُسْلِمِينَ وَكَافِرِينَ.
وَقِيلَ: [ذَوُو](١) أَهْوَاءٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَقَالَ الْحَسَنُ وَالسُّدِّيُّ: الْجِنُّ أَمْثَالُكُمْ فَمِنْهُمْ قَدَرِيَّةٌ وَمُرْجِئَةٌ وَرَافِضَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: شِيَعًا وَفِرَقًا لِكُلِّ فِرْقَةٍ هَوًى كَأَهْوَاءِ النَّاسِ.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: أَلْوَانًا شَتَّى، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: أَصْنَافًا.

Ibn Kathir
Q. What does "دون ذالك" imply? 
يَقُولُ مُخْبِرًا عَنِ الْجِنِّ: أَنَّهُمْ قَالُوا مُخْبِرِينَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ: ﴿وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ﴾ أَيْ: غَيْرُ ذَلِكَ، ﴿كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا﴾ أَيْ: طَرَائِقَ مُتَعَدِّدَةً مُخْتَلِفَةً وَآرَاءَ مُتَفَرِّقَةً.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ وَغَيْرُ وَاحِدٍ: أَيْ: مِنَّا الْمُؤْمِنُ وَمِنَّا الْكَافِرُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ النَّجَادُ فِي أَمَالِيهِ، حَدَّثَنَا أَسْلَمُ بْنُ سَهْلٍ بَحْشَلُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ سُلَيْمَانَ -هُوَ أَبُو الشَّعْثَاءِ الْحَضْرَمِيُّ، شَيْخُ مُسْلِمٍ-حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ(١) قَالَ: سمعتُ الْأَعْمَشَ يَقُولُ: تَرَوَّحَ إِلَيْنَا جِنِّيٌّ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا أَحَبُّ الطَّعَامِ إِلَيْكُمْ؟ فَقَالَ الْأُرْزَ. قَالَ: فَأَتَيْنَاهُمْ بِهِ، فَجَعَلْتُ أَرَى اللُّقَمَ تُرْفَعُ وَلَا أَرَى أَحَدًا. فَقُلْتُ: فِيكُمْ مِنْ هَذِهِ الْأَهْوَاءِ الَّتِي فِينَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: فَمَا الرَّافِضَةُ فِيكُمْ ؟ قَالَ شَرُّنَا. عَرَضْتُ هَذَا الْإِسْنَادَ عَلَى شَيْخِنَا الْحَافِظِ أَبِي الْحَجَّاجِ المِزِّي فَقَالَ: هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ إِلَى الْأَعْمَشِ.
وَذَكَرَ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَرْجَمَةِ الْعَبَّاسِ بْنِ أَحْمَدَ الدِّمَشْقِيِّ قَالَ سمعتُ بَعْضَ الجَنّ وَأَنَا فِي مَنَزَلٍ لِي بِاللَّيْلِ يُنْشِدُ:
 قُلوبٌ بَرَاها الْحُبُّ حَتى تعلَّقت ... مَذَاهبُها فِي كُلّ غَرب وشَارقِ
تَهيم بِحُبِّ اللَّهِ، واللهُ رَبُّها ... مُعَلَّقةٌ بِاللَّهِ دُونَ الخَلائقِ

Al-Qanooji
(وأنا منا الصالحون) أي قال بعض لبعض لما دعوا أصحابهم إلى الإيمان بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم وإنا كنا قبل استماع القرآن منا الموصوفون بالصلاح
Q. What does "دون ذالك" imply? 
(ومنا دون ذلك) أي قوم دون الموصوفين بالصلاح، وقيل أراد بأهل الصلاح المؤمنين وبمن هم دون ذلك الكافرين، والأول أولى، وقال ابن عباس يقول منا المسلم ومنا المشرك.
(كنا طرائق قدداً) أي جماعات متفرقة وفرقاً شتى، وأصنافاً مختلفة وذوي مذاهب متفاوتة،
Q. What does "قددا' mean? 
 والقدة القطعة من الشيء وصار القوم قدداً إذا تفرقت أحوالهم، واستعمال القدد في الفرق مجاز، والمعنى كنا ذوي طرائق قدداً أو كانت طرائقنا طرقاً قدداً أو كنا مثل طرائق قدداً أو كنا في اختلاف أحوالنا مثل الطرائق المختلفة: وقال السدي والضحاك: أدياناً مختلفة، وقال قتادة: أهواء متباينة، وقال ابن عباس: أهواء شتى. وقال سعيد بن المسيب: كانوا مسلمين ويهوداً ونصارى ومجوساً، وكذا قال مجاهد: قال الحسن: الجن أمثالكم قدرية ومرجئة وخوارج ورافضة وشيعة وسنية وكذا قال السدي.


Al-Qurtubi
Q. What does "دون ذالك" imply? 
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ هَذَا مِنْ قَوْلِ الْجِنِّ، أَيْ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ لَمَّا دَعَوْا أَصْحَابَهُمْ إِلَى الْإِيمَانِ بِمُحَمَّدٍ ﷺ، وَإِنَّا كُنَّا قَبْلَ اسْتِمَاعِ الْقُرْآنِ مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا الْكَافِرُونَ. وَقِيلَ: وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ أَيْ وَمِنْ دُونِ الصَّالِحِينَ فِي الصَّلَاحِ، وَهُوَ أَشْبَهُ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الْإِيمَانِ وَالشِّرْكِ.

(كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً) أَيْ فِرَقًا شَتَّى، قَالَهُ السُّدِّيُّ. الضَّحَّاكُ: أَدْيَانًا مُخْتَلِفَةً. قَتَادَةُ: أَهْوَاءً مُتَبَايِنَةً، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
الْقَابِضُ الْبَاسِطُ الْهَادِي بِطَاعَتِهِ ... فِي فِتْنَةِ النَّاسِ إِذْ أَهْوَاؤُهُمْ قِدَدُ
وَالْمَعْنَى: أَيْ لَمْ يَكُنْ كُلُّ الْجِنِّ كُفَّارًا بَلْ كَانُوا مُخْتَلِفِينَ: مِنْهُمْ كُفَّارٌ، وَمِنْهُمْ مُؤْمِنُونَ صُلَحَاءُ، وَمِنْهُمْ مُؤْمِنُونَ غَيْرُ صُلَحَاءَ. وَقَالَ الْمُسَيَّبُ: كُنَّا مُسْلِمِينَ وَيَهُودَ وَنَصَارَى وَمَجُوسَ. وَقَالَ السُّدِّيُّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: طَرائِقَ قِدَداً قَالَ: فِي الْجِنِّ مِثْلُكُمْ قَدَرِيَّةٌ، وَمُرْجِئَةٌ، وَخَوَارِجُ، وَرَافِضَةٌ، وَشِيعَةٌ، وَسُنِّيَّةٌ. وَقَالَ قَوْمٌ: أَيْ وَإِنَّا بَعْدَ اسْتِمَاعِ الْقُرْآنِ مُخْتَلِفُونَ: مِنَّا الْمُؤْمِنُونَ وَمِنَّا الْكَافِرُونَ أَيْ وَمِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا مُؤْمِنُونَ لَمْ يَتَنَاهَوْا فِي الصَّلَاحِ. وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ، لِأَنَّهُ كَانَ فِي الْجِنِّ مَنْ آمَنَ بِمُوسَى وَعِيسَى، وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ [الأحقاف: ٣٠] وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى إِيمَانِ قَوْمٍ مِنْهُمْ بِالتَّوْرَاةِ، وَكَانَ هَذَا مُبَالَغَةً مِنْهُمْ فِي دُعَاءِ مَنْ دَعَوْهُمْ إِلَى الْإِيمَانِ. وَأَيْضًا لَا فَائِدَةَ فِي قَوْلِهِمْ: نَحْنُ الْآنَ مُنْقَسِمُونَ إِلَى مُؤْمِنٍ وَإِلَى كَافِرٍ. وَالطَّرَائِقُ: جَمْعُ الطَّرِيقَةِ وَهِيَ مَذْهَبُ الرَّجُلِ، أَيْ كُنَّا فِرَقًا مُخْتَلِفَةً. وَيُقَالُ: الْقَوْمُ طَرَائِقُ أَيْ عَلَى مَذَاهِبَ شَتَّى.
Q. What does "قددا' mean? 
 وَالْقِدَدُ: نَحْوٌ مِنَ الطَّرَائِقِ وَهُوَ تَوْكِيدٌ لَهَا، وَاحِدُهَا: قِدَّةٌ. يُقَالُ: لِكُلِّ طَرِيقِ قِدَّةٌ، وَأَصْلُهَا مِنْ قَدِّ السُّيُورِ، وَهُوَ قَطْعُهَا، قَالَ لَبِيدٌ يَرْثِي أَخَاهُ أَرْبَدَ(١):
لَمْ تَبْلُغِ الْعَيْنُ كُلَّ نَهْمَتِهَا ... لَيْلَةَ تُمْسِي الجياد كالقدد(٢)
وَقَالَ آخَرُ(٣):
وَلَقَدْ قُلْتُ وَزَيْدٌ حَاسِرٌ ... يَوْمَ وَلَّتْ خَيْلُ عَمْرٍو قِدَدَا
وَالْقِدُّ بِالْكَسْرِ: سَيْرٌ يقد من جلد غير مدبوغ، ويقال: ماله قِدٌّ وَلَا قِحْفٌ، فَالْقِدُّ: إِنَاءٌ مِنْ جِلْدٍ، وَالْقِحْفُ: مِنْ خَشَبٍ.


Verse 12:
 

At-Tabari
يقول: وأنا علما أن لن نُعجز الله في الأرض إن أراد بنا سوءا ﴿وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا﴾ أن طلبنا فنفوته. وإنما وصفوا الله بالقدرة عليهم حيث كانوا


Al-Baghawi
﴿وَأَنَّا ظَنَنَّا﴾ عَلِمْنَا وَأَيْقَنَّا ﴿أَنْ لَنْ نُعجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ﴾ أَيْ: لَنْ نَفُوتَهُ إِنْ أَرَادَ بِنَا أَمْرًا ﴿وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا﴾ إِنْ طَلَبَنَا.

Ibn Kathir
وَقَوْلُهُ: ﴿وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعجِزَ اللَّهَ فِي الأرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا﴾ أَيْ: نَعْلَمُ أَنَّ قُدْرَةَ اللَّهِ حَاكِمَةٌ عَلَيْنَا وَأَنَّا لَا نُعْجِزُهُ فِي الْأَرْضِ، وَلَوْ أَمْعَنَّا فِي الْهَرَبِ، فَإِنَّهُ عَلَيْنَا قَادِرٌ لَا يُعْجِزُهُ أَحَدٌ مِنَّا

Al-Qanooji
(وأنا ظننا) الظن هنا بمعنى العلم واليقين أي وأنا علمنا وتيقنا بالتفكر والاستدلال في آيات الله (أن لن نعجز الله في الأرض) أينما كنا فيها ولن نفوته بهرب ولا غيره إن أراد بنا أمراً (ولن نعجزه هرباً) مصدر في موضع الحال أي ولن نعجزه هاربين منها إلى السماء. وهذه صفة الجن وما هم عليه من أحوالهم وعقائدهم.


Al-Qurtubi
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ الظَّنُّ هُنَا بِمَعْنَى الْعِلْمِ وَالْيَقِينِ، وَهُوَ خِلَافُ الظَّنِّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ [الجن: ٥]، وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا [الجن: ٧] أَيْ عَلِمْنَا بِالِاسْتِدْلَالِ وَالتَّفَكُّرِ فِي آيَاتِ اللَّهِ، أَنَّا فِي قَبْضَتِهِ وَسُلْطَانِهِ، لَنْ نَفُوتَهُ بِهَرَبٍ ولا غيره. وهَرَباً مصدر في موضع الحال أي هاربين.


Verse 13:
 

At-Tabari
﴿وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ﴾ يقول: قالوا: وأنا لما سمعنا القرآن الذي يهدي إلى الطريق المستقيم آمنا به، يقول: صدّقنا به وأقررنا أنه حق من عند الله ﴿فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخَافُ بَخْسًا وَلا رَهَقًا﴾ يقول: فمن يصدّق بربه فلا يخاف بخسا: يقول: لا يخاف أن ينقص من حسناته، فلا يجازى عليها؛ ولا رَهَقا: ولا إثما يحمل عليه من سيئات غيره، أو سيئة يعملها.


Al-Baghawi
﴿وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى﴾ [الْقُرْآنَ وَمَا أَتَى بِهِ مُحَمَّدٌ](٢) ﴿آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا﴾ نُقْصَانًا مِنْ عَمَلِهِ وَثَوَابِهِ ﴿وَلَا رَهَقًا﴾ ظُلْمًا. وَقِيلَ: مَكْرُوهًا يَغْشَاهُ.

Ibn Kathir
﴿وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ﴾ يَفْتَخِرُونَ بِذَلِكَ، وَهُوَ مَفْخَرٌ(٧) لَهُمْ، وَشَرَفٌ رَفِيعٌ وَصِفَةٌ حَسَنَةٌ. 
وَقَوْلُهُمْ: ﴿فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخَافُ بَخْسًا وَلا رَهَقًا﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَقَتَادَةُ، وَغَيْرُهُمَا: فَلَا يَخَافُ أَنْ يُنقص مِنْ حَسَنَاتِهِ أَوْ يَحْمِلَ عَلَيْهِ غَيْرَ سَيِّئَاتِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿فَلا يَخَافُ ظُلْمًا وَلا هَضْمًا﴾ [طَهَ: ١١٢]

Al-Qanooji
(وأنا لما سمعنا الهدى) يعنون القرآن (آمنا به) وصدقنا أنه من عند الله ولم نكذب به كما كذبت به كفرة الإنس (فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخساً ولا رهقاً) أي لا يخاف نقصاً في عمله وثوابه ولا ظلماً ومكروهاً يغشاه، والبخس النقصان، والرهق العدوان والطغيان، والمعنى لا يخاف أن ينقص من حسناته ولا أن يزاد في سيئاته، وقد تقدم تحقيق الرهق قريباً، قرأ الجمهور بخساً بسكون الخاء، وقرىء بفتحها وقرىء فلا يخف جزماً على جواب الشرط، ولا وجه لهذا بعد دخول الفاء والتقدير فهو لا يخاف، والأمر ظاهر، وفي الآية دليل على أن العمل ليس من الإيمان، قاله النسفي.


Al-Qurtubi
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى يَعْنِي الْقُرْآنَ آمَنَّا بِهِ وَبِاللَّهِ، وَصَدَّقْنَا مُحَمَّدًا ﷺ عَلَى رِسَالَتِهِ. وَكَانَ ﷺ مَبْعُوثًا إِلَى الْإِنْسِ وَالْجِنِّ. قَالَ الْحَسَنُ: بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْإِنْسِ وَالْجِنِّ، وَلَمْ يَبْعَثِ اللَّهُ تَعَالَى قَطُّ رَسُولًا مِنَ الْجِنِّ، وَلَا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ، وَلَا مِنَ النِّسَاءِ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى [يوسف: ١٠٩] وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْمَعْنَى(١). وَفِي الصَّحِيحِ: "وَبُعِثْتُ إِلَى الْأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ" أَيِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ.
(فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً) قال ابن عباس: لا يخاف أَنْ يُنْقَصَ مِنْ حَسَنَاتِهِ وَلَا أَنْ يُزَادَ فِي سَيِّئَاتِهِ، لِأَنَّ الْبَخْسَ النُّقْصَانُ، وَالرَّهَقَ: الْعُدْوَانُ وغشيان المحارم، قال الأعشى:
لا شي يَنْفَعُنِي مِنْ دُونِ رُؤْيَتِهَا ... هَلْ يَشْتَفِي وَامِقٌ مَا لَمْ يُصِبْ رَهَقَا
الْوَامِقُ: الْمُحِبُّ، وَقَدْ وَمِقَهُ يَمِقُهُ بِالْكَسْرِ أَيْ أَحَبَّهُ، فَهُوَ وَامِقٌ. وَهَذَا قَوْلٌ حَكَاهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنِ الْجِنِّ، لِقُوَّةِ إِيمَانِهِمْ وَصِحَّةِ إِسْلَامِهِمْ. وَقِرَاءَةُ الْعَامَّةِ فَلا يَخافُ رَفْعًا عَلَى تَقْدِيرِ فَإِنَّهُ لَا يَخَافُ. وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ وَيَحْيَى(٢) وَإِبْرَاهِيمُ "فَلَا يَخَفْ" جَزْمًا عَلَى جَوَابِ الشَّرْطِ وَإِلْغَاءِ الْفَاءِ.

Verse 14:
 
At-Tabari
يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل النفر من الجن: ﴿وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ﴾ الذين قد خضعوا لله بالطاعة 

Q. What is the meaning of القاسطون?

﴿وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ﴾ وهم الجائرون عن الإسلام وقصد السبيل.
⁕ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد: المقسط: العادل، والقاسط: الجائر وذكر بيت شعر: قَسَطْنا على الأمْلاكِ فِي عَهْدِ تُبَّعٍ وَمِنْ قَبْل ما أدْرَى النفوسَ عِقَابَهَا
وقال: وهذا مثل الترب والمترب؛ قال: والترب: المسكين، وقرأ: ﴿أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ﴾ قال: والمترب: الغني.

يقول: فمن أسلم وخضع لله بالطاعة، فأولئك تعمدوا وترجَّوا رشدا في دينهم.


Al-Baghawi
﴿وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ﴾ وَهْمُ الَّذِينَ آمَنُوا بِمُحَمَّدٍ ﷺ
Q. What is the meaning of القاسطون?
﴿وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ﴾ الْجَائِرُونَ الْعَادِلُونَ عَنِ الْحَقِّ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُمُ الَّذِينَ جَعَلُوا لِلَّهِ نِدًّا، يُقَالُ: أَقْسَطَ الرَّجُلُ إِذَا عدل فهو مسقط، وَقِسْطٌ إِذَا جَارَ فَهُوَ قَاسِطٌ ﴿فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا﴾ أَيْ: قَصَدُوا طَرِيقَ الْحَقِّ وَتَوَخَّوْهُ.


Ibn Kathir
﴿وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ﴾ أَيْ: مِنَّا الْمُسْلِمُ وَمِنَّا الْقَاسِطُ،
Q. What is the meaning of القاسطون?
 وَهُوَ: الْجَائِرُ عَنِ الْحَقِّ النَّاكِبُ عَنْهُ، بِخِلَافِ الْمُقْسِطِ فَإِنَّهُ الْعَادِلُ،

 ﴿فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا﴾ أَيْ: طَلَبُوا لِأَنْفُسِهِمُ النَّجَاةَ،

Al-Qanooji
(وأنا منا المسلمون) وهم الذين آمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم
Q. What is the meaning of القاسطون?
(ومنا القاسطون) أي الجائرون الكافرون الظالمون الذين حادوا عن طريق الحق. ومالوا إلى طريق الباطل، يقال قسط إذا جار وأقسط إذا عدل قال ابن عباس القاسطون العادلون عن الحق. وعن سعيد بن جبير أن الحجاج قال له حين أراد قتله ما تقول فيَّ قال قاسط عادل فقال القوم ما أحسن ما قال، حسبوا أنه يصفه بالقسط والعدل فقال الحجاج يا جهلة إنه سماني ظالماً مشركاً، وتلا لهم قوله تعالى

Al-Qurtubi
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقاسِطُونَ﴾ أَيْ وَأَنَّا بَعْدَ اسْتِمَاعِ الْقُرْآنِ مُخْتَلِفُونَ، فَمِنَّا مَنْ أَسْلَمَ وَمِنَّا مَنْ كَفَرَ.
Q. What is the meaning of القاسطون?
 وَالْقَاسِطُ: الْجَائِرُ، لِأَنَّهُ عَادِلٌ عَنِ الْحَقِّ، وَالْمُقْسِطُ: الْعَادِلُ، لِأَنَّهُ عَادِلٌ إِلَى الْحَقِّ، [يُقَالُ: [قَسَطَ: أَيْ جَارَ، وَأَقْسَطَ: إِذَا عَدَلَ، قَالَ الشَّاعِرُ:
قَوْمٌ هُمْ قَتَلُوا ابْنَ هِنْدٍ عَنْوَةً ... عَمْرًا وَهُمْ قَسَطُوا عَلَى النُّعْمَانِ

(فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً) أَيْ قَصَدُوا طريق الحق وتوخوه ومنه تحرى القبلةَ

Comments